همت إحداهن تشكو حزب عصابات «الخادمات» اللاتي أصبحن يستخدمن في نظرها سياسات التشاور والتآمر الجماعي والاتفاق على وضع حد أدنى لرواتبهن التي تجاوزت اليوم ألفي ريال، وقد تفوق هذا الرقم في أحيان أخرى تبعا لمهارتهن بشؤون المنزل ووقت زيادة الطلب في المواسم الرمضانية والأعياد.. لم أكد أن أرد على شكواها بكلمة «من حقهن..» حتى كادت تفترسني بحديثها اللاذع الذي يصنف فعلهن بالاستغلال وليس الحق! لم أسترسل في حديثي حتى ضمنت حقي في عدم المقاطعة، ويبدو «والله أعلم» أنها اقتنعت بما أعتقد أنه لمن الاستغلال أن تحتكر أو تتحكم في تسعيرة ضرورة من ضروريات الحياة في المأكل مثلا «وليس أي مأكل».. أما الخادمة فهناك شعوب أخرى مترفة تعيش من دونها.. ولطالما كانت تتعامل العائلة الخليجية مع الخادمة كضرورة حتى أصبحت اليوم تستقدم الاثنتين والثلاث لضرورة ورفاهية! نحن نحسبها بالورقة والقلم حين تدون المبالغ على فواتيرنا فقط ولا نفعل ذلك حين نكون الطرف الآخر، فالأمر بحاجة لغض النظر عن مسألة نكران الجميل وعن بعض التصرفات الطائشة التي قد تصدر عنهن والتي نتجت برأيي عن مزيج من الغربة والبحث عن لقمة عيش زهيدة وحرمان من أدنى حقوق الآدمية في التعليم والصحة والحياة الكريمة وتعرض بعضهن للظلم والابتزاز والاحتقار إلى جانب ملفات العنف.. لا يزال يطبق عليهن قانون العبودية «الحديث» والذي يعطي كفيلهن الحق في تحديد راتب معين ولا يحدد لهن مسؤولياتهن التي تتحول من مسؤوليات الخادمة في التنظيف لمسؤوليات ربة المنزل في التنظيف والتربية والطبخ ودون تحديد الحد الأدنى من ساعات العمل التي قد تتجاوز ال12 ساعة! مشكلتنا أنهم قادرون على حل مشكلتهم بأنفسهم حتى في غير مواطنهم! فإن لم يجدوا حقوقهم في أوطانهم أو في غيرها فهم لا ينتظرون لحظة التغيير بل يبدؤونها بأنفسهم.. فيما ينظر العاطل منا إلى أقدام «حافز» متى تخطو خطوة إلى الأمام وينتظر الموظف منا متى تأتي المكرمات والقرارات لترفع حد راتبه الأدنى الذي لا يزال تحت الألفي ريال!