سأتقمص شخصية «ممثل كوميدي سعودي» وتحملوني؛ لأنني سأستخف دمي في كل شاردة وواردة بمناسبة وبدون مناسبة حتى أجد القبول والإعجاب من المشاهدين والمتابعين.. طبعا كركتري غريب عشان أكون كوميدي «صح» واسألون أسناني باللون الأسود، وأنفي سأجعلها منفرشة.. وسأكون في الوقت نفسه مرحا حتى أضحك من هم يتابعوني.. سأتلفظ بألفاظ بعيدة عن الحياء وسأتكلم بلغة شوارعية ممقوتة وكل ذلك من أجل أن يضحك المشاهدون.. هذه هي شخصيتي التي تقمصتها قليلا وأعي تماما أنني كنت ثقيل دم على القراء وذلك هو ديدن نجومنا الكوميديين الأعزاء، وأنا هنا لا أعمم فالتعميم لغة الأغبياء، ولكن السواد الأعظم مع الأسف الشديد على ذلك المنوال بعيدين كل البعد عن معنى كوميديا.. على مر السنين لم أر مثلا الممثل حسين عبدالرضا يتقمص كركترا استوحاه من كوكب آخر، بل على طبيعته وسجيته يضحك من يشاهد، وأكبر دليل على ذلك مسرحية «باي باي لندن» التي أجزم بأن الخليج العربي تابعها بالكامل مئات المرات ولم يملها، بل ويضحك وكأنها تعرض للتو.. كما أن الفنان القدير ناصر القصبي لم يعتمد على الكركترات في عملية تغيير الوجه أو الشكل، ولكن ابتكر كركترات من المجتمع وطورها وحظيت بإعجاب العالم العربي.. هذان النجمان يغردان خارج السرب في الكوميديا الخليجية فهما من يضحك من القلب، وسواهما نسخ لم تكن مكررة ففشلوا في التقليد وتاهوا بين التمثيل الحقيقي وبين التصنع، فما أعرفه كلمة دارجة بين أوساط الممثلين وهي «على الممثل ألا يشعر نفسه بأنه يمثل وهو يقوم بأداء أدواره، بل يلبس الشخصية وكأنها شخصيته الحقيقية». ونشاهد في الفترة الماضية ظهور العديد من «مستخفي» دمهم على الشاشة بشكل فج أصبح مملا ومقلقا للمشاهدين، والغريب أن حتى الممثلون الذين عرفوا بتقديم الأدوار التراجيدية وأبدعوا من خلالها ونالوا إعجاب المشاهدين انجرفوا في هذا الخط بصورة مفاجأة بحثا عن الأضواء والنجومية حتى بات جميع فنانونا السعوديين كوميديين وهم لا علاقة لهم في الكوميديا.