شاب يحمل شهادته في يد، وباليد الأخرى يحاول أن يعمل بما يبقيه في أجواء الحياة العملية، وآخر يجوب بسيارته الشوارع والطرقات بلا هدف، ويبدو وكأنه يبحث عن شيء ما تشي به عيونه «الزائغة»، لكن ليس من الصعوبة اكتشاف أنه عاطل رمى الملف العلاقي الأخضر هنا وهناك، بانتظار وظيفة في مكتب كبير بحجم فراغه وآماله التي لن تتحقق. يبدو أننا دخلنا مرحلة لا مكان فيها لشباب لا يشتغلون على أنفسهم ب«تطوير مهاراتهم ومواهبهم وتعلم الصبر والكد والاجتهاد»، تمكينا لثقافة العمل التي تجعل الشاب يحترم أي مهنة ووظيفة، ويتطلع بعد اكتساب الخبرة لما هو أفضل منها، والتعليم الأهم هو أن سهر الاستراحات والدوران في الطرقات، لا ينتج شخصية عملية وواثقة من نفسها وقدراتها؛ لأنهم بذلك يضيعون زمنا مهما في اللاشيء كان أجدر به أن يكون للتزود بالمعرفة في المجال الذي يحسن فيه الشباب عمله؛ لأن قيمة المرء فيما يحسنه. كثير من حملة الشهادات الجامعية، خصوصا الفتيات، بلا هدف أو طموح. بعض الشابات ربما لسن بحاجة إلى الوظيفة؛ ولذلك يتعاملن بتعال مع فكرة العمل، وكثير من الشباب كذلك. وهذا التأفف والتعالي، هو ما ينتج لنا شبابا غير جديين لا يتمتعون بروح العمل، وليس كل العمل لصالح الفرد، وإنما لهذا المجتمع والوطن، فهناك حقوق لهما ينبغي ألا تضيع في لامبالاة شبابنا، أو ركونهم ليسر مادي يفقدهم الطموح والرغبة في التطور والارتقاء العلمي والعملي. شبابنا بحاجة إلى جرعات من الثقافة والمعرفة، التي تمكنهم من الذهاب بعيدا في طموحاتهم وأحلامهم، فلو تطلعت همة أحدهم بالثريا لنالها، ولكن من يتطلع، وذلك يحدثك عن جدوى حاجته للعمل وهو يملك السيارة والمسكن الفاره وجميع رغباته تتحقق في لمح البصر، أو تلك التي تدرس من أجل «الوناسة ولا يهمها تحسين درجاتها المتواضعة».. هذه المفاهيم بحاجة إلى تحول متكامل للمؤسسات الاجتماعية؛ لإيقاظ كثير من الشباب من حالة الخمول النفسي والذهني التي يعيشونها، فالمستقبل حين يأتي لا يمكن أن نستمر بهذه المفاهيم الخاطئة.