في مشهد أول.. يقف مذهولا حين يمسك بقارورة «معقم اليدين» التي يستخدمها زميله بين الحين والآخر، فيلتفت إليه محذرا بأن هذا المنتج هو أسوأ ما قد يستخدمه لنظافة يديه لأن له تأثيرا عكسيا؛ حيث يقوم بتنشيط الجراثيم والبكتيريا وزيادتها بدلا من التخلص منها، مثبتا ما رآه بأم عينيه من خلال المجهر عندما كان يقوم بإحدى التجارب أثناء دراسته الجامعية! فوقف صاحب الأيدي النظيفة ينظر إلى يديه لا يدري إن كانت حقا كذلك أم أنها مازالت ملطخة بنصائح الأطباء الكاذبة ودعايات بعض المروجين باستخدام هذه المعقمات بعد أن سمع منهم أن الصابون العادي يقوم بدور المنظف فقط وليس المعقم! وفي مشهد آخر.. يقال لهذا المستخدم الحائر إن جرعة حبتين من دواء «الأسبرين» يوميا تخفض من مخاطر الإصابة بالنوبات القلبية ومخاطر إصابة أوعية الدماغ، كما أنها تساعد على تفادي أنواع معينة من السرطانات.. وفي رواية أخرى يقع هذا الدواء تحت تهمة التسبب في السرطانات وأمراض القلب ونزيف الدماغ.. مشاهد كثيرة أخرى يشهدها هذا المتلقي تشير إلى تناقض الدراسات التي لا تقتصر فقط على الأبحاث الطبية، بل إن الصراع دائما ما يكون قائما في علوم الفيزياء والكيمياء، كما في علوم الاقتصاد والفلك وعلوم الدين وغيرها! قد تكون هذه التناقضات إشارة صحية لوجود التجارب واستمرارية عمل الإنسان وتطوره، وفي أحيان أخرى كثيرة قد تكون ترويجا لمنتجات أو تنفيرا من منتجات منافسة.. أو إعلان نتائج أبحاث لم تثبت عمليا بعد! أصبح هذا التفاوت بين الحين والآخر أمرا مزعجا، بل أفقد الثقة في الدراسات التي تمارس الكثير من الأخطاء، والتي تحولت لمعتقدات عند الكثيرين، بل وبنيت على أساسها علاجات ووقايات! الجميع يروي ويزعم أن أقواله مبنية على أبحاث ودراسات.. لكن من قام بهذه الأبحاث ومن هم بهذه الدراسات؟ من منا يسأل؟ وأي منا يفلتر؟ لا أحد! فنحن أول من يسلم بمقولة: «أثبتت الدراسات أن...»!