قامت حركة «احتلوا وول ستريت» التي تحتج على هيمنة المؤسسات المالية النافذة على اقتصاد أمريكا والعالم بأسره، بحركة التفافية غير متوقعة عندما اخترقت ب«سلاسة شديدة» حفل عشاء حضره الرئيس الأمريكي باراك أوباما وعقيلته و18 من قادة «منتدى التعاون الاقتصادي لدول آسيا والمحيط الهادي «آبك» في مدينة هونولو ليل الأحد الماضي وغنت أمامهم «نحن الأغلبية» لنحو 45 دقيقة على أنغام موسيقية هادئة، دون أن ينتبه أحد إلى الأمر. وكان البيت الأبيض دعا عازف الجيتار المحلي المشهور، ماثيو سوالينكافيش، وكنيته «ماكانا» لإحياء حفل العشاء بمناسبة اختتام المنتدى الذي استضافته هونولو. واستهل «ماكانا» الحفل، وهو يرتدي بزة رسمية، بعزف لحن موسيقي تقليدي من هاواي مع توافد قادة المنتدى على فندق «هالي كوا»، واستمر في أدائه حتى بدء تقديم العشاء. ومن مكانه المجاور لأربع طاولات عشاء أجلس عليها قادة المنتدى وقريناتهم، فك أزرار قميصه ليكشف تحته عن «تي شيرت» يحمل عبارة كتبت بخط اليد «احتلوا ألوها»، ليبدأ بإنشاد أغنيته الاحتجاجية التي ألف كلماتها، وهي بعنوان «نحن الأكثرية». وأظهرت مقاطع فيديو، التقطها مساعد لماكانا بهاتفه المحمول، بعض قادة المنتدى يحولون انتباههم نحو المغني، وسط انشغال معظم القادة. وقال «ماكانا» لCNN: «بدأت الغناء بحذر شديد نظرا لأن غايتي لم تكن إرباك العشاء، بل بعث رسالة شعرت بأنها مهمة للمفاوضات». وأضاف: «استجمعت ما يكفي من الشجاعة لمواصلة الأغنية ولفترة طويلة من الوقت وأنهيت العرض بمقطع كررته نحو 50 مرة وبطريقة مختلفة بما يكفي لإسماعهم». وأضاف أن الرئيس الأمريكي، الذي كان يجلس بطاولة إلى أقصى يمين خيمة العشاء، كان مشغولا بالحديث طوال الوقت، ونفى علمه إذا ما استمع إلى الأغنية الاحتجاجية أم لا. وكانت حركة «احتلوا وول ستريت»، بدأت في 17 سبتمبر الماضي، بنيويورك وسرعان ما امتدت إلى مدن أمريكية أخرى وحول العالم، وصفها المرشحان الجمهوريان للانتخابات الرئاسية العام المقبل، هيرمان كين ونيوت غينغريش، بأنها «صراع طبقات». واستوحت الحركة فكرتها من مد «الربيع العربي»، الذي اجتاح منطقة الشرق الأوسط. وبدأت ب«تغريدة» وحيدة منسية على موقع التواصل الاجتماعي «تويتر» بعنوان «احتلوا» لكنها كانت بمثابة الشرارة التي أشعلت النار في الهشيم. وأجرت شركة «سوشل فلو» لتسويق وسائل التواصل الاجتماعي تحليلا ل«رويترز» عن تاريخ «هاشتاج» أو رأس الموضوع «احتلوا» على موقع «تويتر» وسبل انتشاره وتأصله. وكانت أول إشارة واضحة على مدونة يوم 13 يوليو الماضي للمجموعة الناشطة «ادباسترز» لكن الفكرة كانت بطيئة في اجتذاب الأشخاص. وجاءت الإشارة التالية على موقع تويتر يوم 20 يوليو من منتج سينمائي يدعى فرانسيسكو جيريرو من كوستاريكا، حيث وضع رابطا لمدونة على موقع يسمى «استيقظوا من نومكم» يكرر دعوة مجموعة «ادباسترز» للتحرك. وأعيد نشر إشارة «جيريرو» على «تويتر» مرة واحدة، ثم ساد الصمت حتى 23 يوليو عندما ظهرت تغريدتان، واحدة من مستخدم إسباني يدعى جورزبو والثانية من مدرسة كيمياء متقاعدة في لونج آيلاند في نيويورك تدعى سيندي وتستخدم تويتر تحت اسم «جيمسوينك». ولم ينشر أي شخص تغريدة جورزبو مرة أخرى لكن نشر ثمانية آخرون تغريدة سيندي من بينهم معارض لمجلس الاحتياطي الاتحادي الأمريكي ومؤيد لحقوق الحصول على المعلومات وأحد أنصار حماية البيئة من واشنطن ومدون من ألاباما. ومرة أخرى كان هناك صمت نسبي نحو أسبوعين حتى قام المستخدم «ليزبوكورم» بتغريدة تحمل رأس الموضوع «احتلوا» في الخامس من أغسطس الماضي وغردها مرة أخرى سبعة أشخاص معظمهم من أنصار الأغذية العضوية والشعراء. وكانت فكرة «احتلوا وول ستريت» موجودة لكنها لم تجتذب كثيرا من الاهتمام حتى حدث ذلك بطبيعة الحال فجأة وبقوة .