العادة تحرمنا من تأمل التفاصيل؛ لأنها بتكرار الممارسة تحدث دون وعي، وإذا تأملنا حال المواطن مع حقوقه نجد أن الغالبية العظمى تتعامل مع حقها كأنها منة وإنجاز خرافي من لدن المسؤول، وهي في الواقع حقوق كفلتها لهم الدولة ودفعت من أجلها مليارات الريالات لتقدم لمواطنيها خدمات مشرفة وعلى مستوى عال، ولنتأمل بعض المواد اللاتي جاءت في باب الحقوق والواجبات من النظام الأساسي للحكم في المملكة: المادة السادسة والعشرون: تحمي الدولة حقوق الإنسان، وفق الشريعة الإسلامية. المادة السابعة والعشرون: تكفل الدولة حق المواطن وأسرته، في حالة الطوارئ، والمرض، والعجز، والشيخوخة، وتدعم نظام الضمان الاجتماعي، وتشجع المؤسسات والأفراد على الإسهام في الأعمال الخيرية. المادة الثلاثون: توفر الدولة التعليم العام، وتلتزم بمكافحة الأمية. المادة الحادية والثلاثون: تعنى الدولة بالصحة العامة، وتوفر الرعاية الصحية لكل مواطن. وعند تقصير المسؤول يأتي دور المواطن بالمطالبة بحقه، فإذا كثر الانتقاد والاعتراض لا بد أن تتغير الأحوال، لكن الصمت والضعف والرضا بأدنى مستوى للخدمة مدعاة لتمادي المتلاعبين. إذا، مكافحة الفساد أو التقصير مسؤولية الجميع، والتصرف من هذا المبدأ يخلق وعيا مختلفا لدى المواطن، ويجعل المسؤول يضرب ألف حساب قبل أن يقدم خدمات متواضعة أو رديئة، وعندما تغيب عين الرقيب ويصمت المستفيد، لا يمكننا أن نعول على الضمير وحده، لتكون خدمة المواطن وفق ذمة المسؤول، كأنما هي لعبة حظ ومقامرة. فالضعف باب واسع لدخول الظلم بكل أشكاله، وضعفك أمام المطالبة بحقك، شرارة تعم بعدها الفوضى والفساد في أرجاء الوطن، وحتى على المستوى الشخصي والذات، لماذا تترك للآخرين فرصة القفز على حقوقك؟ ولماذا يوجد آخرون يأخذون حقهم؟ ولماذا نرى أن مدمني التشكي والتباكي لا يتغير حالهم؟ لأن البشر تتصرف من منطلق مبدأين «إما ضعف، أو قوة» الأول جسر يمر عليه البشر دون أن يشعروا بألمه، ويستغلونه، والثاني يستطيع أن يقول: لا، بكل ثقة ويفعل رفضه، ويرسم حدودا واضحة لرغباته ومطالبه وكذلك حدود لصلاحية الآخرين من حوله.