أعلن سياسيون في بنغازي أن تعثر تشكيل الحكومة الليبية المؤقتة الذي كان مقررا في 18 سبتمبر الجاري، يخفي صراعا محموما على السلطة بين خصوم معمر القذافي الذين أطاحوا بنظامه. وكان رئيس المجلس الوطني الانتقالي أعلى سلطة في ليبيا الجديدة مصطفى عبدالجليل صرح السبت الماضي أن «الحكومة ستعلن خلال الأسبوع المقبل»، مقرا بوجود خلافات وصراعات أدت إلى تأخير الإعلان عن تشكيلها ومشيرا إلى أن الكفاءة هي المعيار لتولي حقائب وزارية وليس النضال ضد القذافي أو الانتماء لمنطقة أو قبيلة معينة. وقال مساعد لأحد الأعضاء البارزين في المجلس إن «تشكيل الحكومة دونه الكثير من الصعوبات.. عدد الوزراء مشكلة، والتسمية مشكلة، وأسماء من يتولى الحقائب مشكلة». وأضاف أن «دخول أعضاء من المجلس الانتقالي الحكومة يطرح مشكلة إضافية من طبيعة قانونية حيث لا يفترض بأعضاء المجلس تولي مناصب تنفيذية بحسب الإعلان الدستوري». وكان عبدالجليل أعلن أنه قد يتم «المزج» بين المجلس الانتقالي والمكتب التنفيذي وتولي أعضاء من المجلس حقائب وزارية في هذه الحكومة الموقتة التي ستدير شؤون البلاد إلى حين استكمال تحرير مختلف المناطق الليبية. ونصت المادة 21 من الإعلان الدستوري الذي ينظم عمل الدولة لحين اعتماد دستور جديد على أنه «لا يجوز الجمع بين عضوية المجلس الوطني الانتقالي المؤقت وتولي الوظائف العامة». وفي الأصل طرحت مسألة تشكيل الحكومة المؤقتة أو توسيع المكتب التنفيذي الذي يضم 13 عضوا برئاسة محمود جبريل، إثر اغتيال القائد العسكري للثوار اللواء عبدالفتاح يونس، 28 يوليو، على أيدي مجموعة مسلحة بعد أن كان استدعي إلى بنغازي للتحقيق معه في مسائل عسكرية. وكان يونس من المقربين للقذافي، لكنه انتقل إلى صفوف حركة التمرد لدى اندلاعها، فبراير الماضي. وتشهد شوارع بنغازي بشكل شبه يومي تظاهرات لعناصر من كتيبة الصاعقة ومن أفراد قبيلة العبيدات التي ينتمي إليها يونس للمطالبة بكشف قتلته. غير أن الأمر سريعا ما تطور حيث طالبت قبائل ومناطق أخرى بعدم تهميشها وتمثيلها في المكتب التنفيذي. وتمسك ممثلون عن مناطق التبو والجفرة وسبها ومصراتة وطرابلس بضرورة تمثيل مختلف المناطق تمثيلا عادلا في الحكومة، بيد أنه يبدو من الصعب تمثيل الجميع في حكومة ستضم على الأرجح 18 وزيرا فقط. وتشهد ليبيا في الأسابيع الأخيرة تجاذبا حادا بين القوى التي توحدت للإطاحة بالقذافي عكستها تصريحات الزعيم الإسلامي علي الصلابي المقيم في قطر، التي انتقد فيها بشدة محمود جبريل متهما إياه بإرساء أسس «دولة استبدادية». ولا تخلو وسائل الإعلام في بنغازي وشرق ليبيا ونقاشات نخبها من الخوض في ماض أليم في ظل حكم معمر القذافي وإشارات إلى حيف وظلم وقع عليها، وإلى دور طلائعي لهذه المناطق في الإطاحة بنظامه ومطالبات ظاهرة وخفية ب« ثمن سياسي» لذلك.