في أحد المستشفيات في الطائف اختلس متعهد النظافة نحو مليوني ريال، وهذا الرقم ليس من الصعب اختلاسه، لكن الصعب في عملية الاختلاس هذه أن الأموال أخذت دون أن تنفذ المشاريع أو الوظائف التي من أجلها رصدت! بمعنى آخر أكثر بساطة، المتعهد يأخذ الأموال ويسلم أوراقا فقط. بالطبع هذه ليست من نوادر الفساد في البلاد، بل أحد أشكاله التي يظن بعض المقاولين والمتعاونين معهم من الموظفين أن الأمور أصبحت خارج سلطة الدولة؛ فالمتورطون في الفساد يحاولون بكل الطرق تغطية فسادهم، وتواجه اللجان المكلفة بالتحقيق والتقصي مهام شاقة للوصول إلى مكامن الفساد، لكن في بعض الجهات الحكومية، خاصة الموجودة في مناطق أو محافظات بعيدة يمارس البعض فسادهم أمام الجميع، وكأن هذا المكان بات خارج الزمان، وليس لأحد سلطة تسأل أو تحاسب. مليونا ريال مختلسة من مستشفى واحد أمر ليس بالهين، فهناك 244 مستشفى حكوميا في عموم البلاد، إلى جانب 2037 مركزا للرعاية الأولية، وهذا كله يضع على عاتق وزارة الصحة في المقام الأول، ثم بقية الجهات الرقابية مسؤولية تكثيف المتابعة، وأن تعمد إلى إجراءات أكثر صرامة وقسوة، فمن الغريب أن تكتشف حالات فساد، ثم يظل المسؤول عن الإدارة التي وقع فيها الفساد على رأس العمل، فإذا لم يكن متورطا فإن وجود ممارسات فيها فساد دليل على الإهمال الجسيم الذي وقع منه، وهنا لا يتسع المقام لأن يبحث له عن أعذار. القضية لا تقف عند مليوني ريال، أو هي متوقفة عند وزارة محددة، بل الحاجة الفعلية إلى أن تكون هناك شفافية توضح حجم الأموال المختلسة بسبب الفساد، وفي أي جهات كثر هذا الفساد؛ فالمشكلة الحالية أن لا معلومات متوافرة بالقدر الكافي في يد المهتمين بقضايا الفساد، فيما الجهات الدولية لديها مجرد تقديرات وتصنيفات حول الموضوع.