المرأة الممتلئة سوداء العينين في جزيرة العرب، وطويلة العنق في منغوليا، والشقراء فارعة الطول في أوروبا.. مقاييس للجمال اختلفت وتنوعت حسب ثقافات الشعوب وموروثاتهم الثقافية، حتى أن بارعة الجمال عند قوم قد لا ينظر لها عند آخرين.ومع أن هذه الثقافات والمعتقدات التي تحكمها البيئة والذوق الجماعي لأصحاب تلك البيئة، والتي تشكل الأساس لإيجاد وبناء الذائقة الجمالية يفترض ألا تكون سريعة التغير أو التأثر، إلا أن وتيرة تبدلها أصبحت متسارعة، ولعل لما نلحظ من اتساع نوافذ الانفتاح على العالم والتواصل بين سكان الأرض أثر لا يستهان به في تغيير كثير من الآراء، بل وفي تشكيلها أحيانا.هيئة الشاب الذي يرتدي بنطالا بخطوط «الكاروهات» مسفرا عن «نصف» ركبته لم تكن قبل الفترة التي تسبق انتشار هذا النوع من اللباس بالأمر المتقبل، بل ربما كانت النظرة لمرتدي ذاك البنطال تتلخص في الازدراء المحض.أما بعد تقبل الزي وانتشاره باتت تلك هيئة الشاب الطبيعي الذي يعيش «كولنته» المتماشية مع سنه، والتي لا تكتمل دون ال«كدش»، والنظارة السوداء العريضة! مرجعا الأمر أخيرا لنا، فنحن من بتقبلنا وتغاضينا وسلبية تهاوننا مع أبنائنا نصنع ذائقتهم ونقومها، أو نقوضها حتى تنحرف أحيانا عن سليم الفطرة فيظهر ما يستر ويعتاد ما يستقبح.لهم أن يعيشوا نشوة أعمارهم في إطار المباح، كما لهم الحق على أوليائهم في بيان المسموح والممنوع وحدود الخطوط الحمر، حتى لا نأسف على ذوق منحط أو حياء مضمحل، وغياب ثوب ساتر لا يرى بغير الأعياد!