«جدة غير».. مقولة لم تخرج من فراغ، يسمعها الشباب ويرددونها حتى ارتبطت في الأذهان كلما يحين موعد الصيف حيث الموعد مع المهرجان السنوي الكبير والطويل والذي تنطلق من خلاله الفعاليات الترفيهية والعروض الشيقة وتزداد نسبة السائحين. ورغم أن مهرجان جدة الصيفي لهذا العام هو أطول مهرجان سياحي على المستوى الداخلي حيث تفتح المرافق السياحية والترفيهية والمتنزهات والمجمعات والأسواق التجارية أبوابها، وتستقبل المصطافين والزوار وتسخر كل الإمكانيات، وتوفر كل الاحتياجات والمتطلبات والبرامج الترفيهية إلا أن الأمر ليس كذلك بالنسبة للشباب. جدة غير مخصصة للشباب ولا يأتي مهرجانها الصيفي كما يشتهي شبابها، وفي الوقت الذي يحظى به مهرجان صيف «جدة غير» من صدى وانتشار على المستوى المحلي والخليجي والعربي وإقبال من السائحين إلى أن أصبحت وجهتهم السنوية كل صيف باتجاه «جدة» لأنها بحسب نظرتهم المدينة الأكثر تطورا وترفيها إلا أن الواقع يقول ليس للشباب موقع من الإعراب في صيف جدة، فهم أقرب لأن يكونوا مهشمين على الخريطة الترفيهية والسياحية في عروس البحر. تهميش الشباب أين ذهب الشباب في الصيف؟ أين قضوا إجازتهم؟ كيف وجدوا مهرجان جدة الصيفي؟ يجيب مطر المطيري، موظف قطاع خاص «فشلني صيف جدة غير أمام أبناء عمومتي الذين جاؤوا من مناطقهم حتى أقوم بترفيههم وتمشيتهم على جدة ومشاهدة العروض والفعاليات المزعومة والاستمتاع بها، فلك أن تتصور أكثر من 20 يوما لم نذهب إلى مكان أو مجمع إلا ونجد الأبواب مؤصدة في وجوهنا، ورغم محاولاتي اليائسة مع الأمن والمنظمين للفعاليات بأن ندخل لنستمتع فلا نجد منهم إلا عبارة «للعائلات فقط». ويستطرد «أين هي العروض والفعاليات المخصصة للشباب؟ أين هو مهرجان جدة الصيفي الذين كنا نستمتع به قبل بضع سنوات؟ أين هي المسرحيات والليالي الغنائية؟ وأين هي الأمسيات الترفيهية من ألعاب ومسابقات ومباريات؟ الشباب لا يطلبون سوى ما يشغلهم في الصيف ونحن نرى أن من ابسط حقوقنا على المسؤولين في مهرجان جدة الصيفي أن يوفر لنا فعاليات، على الأقل أسبوعية»، مشيرا إلى أن أغلب جولته الترفيهية مع أبناء عمومته كانت في السيارة، ويعلق ساخرا «لو سألتني عن منطقة جدة وأحيائها وشوارعها سوف أجيبك لأنني بالعامية «مترتها» بالسيارة». ويؤيده الرأي موفق عبدالعزيز الذي يؤكد أنه لم يستمتع إلا بمهرجان «أكشنها» وغير ذلك لم يجد فعاليات وعروضا مخصصة للشباب، ويضيف «سمعت عن عروض سيارات وغيرها ولكنني لست من هواتها، فأنا أحب أن أتواجد في المولات وأستمتع بالفعاليات التي نقرأ عنها في الصحف والتي خصصت للعائلات». بينما يقول سامي اليامي، موظف حكومي «جدة تعتبر من أهم المدن وصيفها يظل الأبرز، ولكن للأسف فإن الجهات المنظمة لمهرجان الصيف تحرص على توفير الترفيه للعائلات دون الشباب، لذا لا نجد نحن الشباب سوى النظر إلى العائلات بحسرة وخيبة أمل». للعائلات فقط «للعائلات فقط».. عبارة دونت ووضعت على مداخل ومخارج الأماكن الترفيهية والسياحية في العروض، وهي تستفز الشباب، بحسب تعبير وليد العتيبي «جئت من الطائف لأستمتع بفعاليات جدة برفقة زميلي، ولكن للأسف لم نجد سوى لوحة للعائلات فقط ترحب بنا أينما نذهب ونتوجه بحثا عن مكان ترفيهي نقضي فيه وقتنا»، ويضيف «رغم ذلك لو لم يقدم المسؤولون في مهرجان صيف جدة سوى فعاليات غنائية، كما جرت العادة سنويا، لكان ذلك كافيا للشباب ولكن للأسف هذا العام أهملونا وهمشونا». ويتابع «حقيقة أستغرب أن يكون هذا أطول مهرجان صيفي في تاريخ جدة والمهرجانات السياحية ولا يكون للشباب نصيب من هذا المهرجان»، مؤكدا أنه كان على المنظمين لهذا المهرجان أن يكملوا مهرجان جدة بفعاليات شبابية تعزز من مكانة المدينة على المستوى السياحي محليا وخارجيا، مشيرا إلى أنه حتى هذه اللحظة لم يجد برنامجا يناسب ويتلاءم معه كشاب سوى الجلسة على الشاطئ الذي بحسب تعبيره «أصبح ورشة عمل لأمانة جدة». المعاكسات وإفساد ترفيه العائلات لا تبدو إحصائيات ارتفاع معدل ظاهرة المعاكسات والتحرشات في العطلات والإجازات في جدة غير دقيقة بل أنها بنسبة كبيرة منطقية، فالملاحظ أن تهميش الشباب في الصيف من قبل الجهات التنظيمية لمهرجان جدة دفع بعضهم إلى أن يضايق العائلات ويتحرر من القيود المكبلة والتي تكمن في عبارة «للعائلات فقط» حيث يقفز فئة من الشباب فوق هذه الحواجز التي وضعت من قبل أصحاب المنشآت الترفيهية أو التسويقية لاسيما المجمعات والمراكز التجارية الكبرى في جدة، حيث يتسرب إليها الشباب ويتسللون إلى داخلها أو بتساهل من قبل حراس الأمن، ولا يجد فيصل غضاضة من أن يعترف بأنه من الذين يتسللون كثيرا في المجمعات التجارية المخصصة للعائلات ويحرص على دخولها والتجول بها بهدف المعاكسة، مبينا أن العائلات تجد رفاهية ومتعة في التسوق والتنزه، في حين أن الشباب «مشفرين»، ويضيف «حقيقة أجد العذر للشباب الذين يتوجهون للسفر خارج المملكة كونه لا يوجد للشباب في الصيف برامج ترفيهية تشغلهم، كما أجد لهم العذر بتجولهم في المجمعات بعد أن أصبح كل شيء للعائلات». وإن كان الشباب يشتكون من تهميش الجهات التنظيمية لهم فإن العائلات لاسيما الفتيات يشتكين من مضايقة الشباب لهن، فإحدى الفتيات تقول إن ما هو مخصص للعائلات بات للشباب «كلما أدخل مجمعا أجد شبابا، وكلما أتوجه إلى مكان ترفيهي لا تدخله سوى العائلات أجد كذلك الشباب»، وتؤكد «وفرت للشباب برامج وأماكن وأنشطة ترفيهية، ولكنهم لا يجدون متعتهم إلا بمضايقة العائلات ولا يحصلون الترفيه إلا برؤية العباءة السوداء بالقرب منهم». بين الاستراحات والكورنيش أجبرت «للعائلات فقط» بعض الشباب على أن يتوجهوا للترفيه والترويح عن النفس بالمشاركة في الأندية الرياضية الصيفية أو الدورات الصيفية الكروية، في حين هناك من يفضل الاستراحات ومن يميل للجلوس وإمضاء أوقات الترفيه والتسلية بالقرب من الكورنيش، ولكن هناك من الشباب من يشعرون بروح معنوية مرتفعة كلما كسروا التقاليد التي تمنعهم من أن يأخذوا نصيبهم مما هو مخصص للعائلات، لاسيما إن كانوا ينظرون لذلك بأنها ليست مبنية على عدالة، لذا هناك من يستهدف قتل متعة الترفيه عن العائلات بالمضايقة ولا يقتصر الأمر عند هذا الحد بمطاردة الفتيات والنظر إلى العائلات والجلوس بالقرب منهن ما لم يكن بصحبتهم رجل. ولا تتوقف إشكاليات وتمرد بعض الشباب على الفتيات، بل وصل الحد ببعضهم أن يضيق الخناق على بائعات الألعاب النارية والطراطيع والألعاب حيث يبدو مشهد مشاكستهن لافتا لانتباه ونظر السائحين والزوار، ولا تجد بعض البائعات حرجا من أن يبادلهن هؤلاء الشباب الحديث والضحك والسباب أحيانا. تأكيد أمني أكد مسؤول في شرطة جدة ل«شمس» أنهم استوقفوا شبابا يقومون ببعض السلوكيات إلى جانب أنه تم ضبط فتيات عند الكورنيش. وقد قامت الأجهزة الأمنية بدورها حيث كان للتواجد الأمني المكثف دور في الحد من انتشار مثل هذه القضايا والحالات. غياب الهيئة وإن كانت الشرطة قامت بدورها فإنه يبدو أن ما ساعد فئة من الشباب على أن يرفعوا من ظاهرة المعاكسات في الفترة الصيفية، الغياب التام لهيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، حيث إن السيارات التي بالعادة يهابها الشباب ويحسبون لها ألف حساب باتت شبه معدومة بالقرب من المجمعات والأماكن العامة، ما يدفع بعض العائلات للتأكيد على أن أبرز السلبيات التي تحرمهم من الترفيه تكمن في مضايقة الشباب .