مع بهجة العيد وفرحته تذوب كل الخلافات وتصفو النفوس، وفيه تتواصل النفوس وتقترب من بعضها، وقد يعيش البعض هذه الأيام الجميلة بفرحة ناقصة بل بكدر وحزن لأنه ينظر إلى من حوله ليجد من أحبابه من غاب عنه لا باختياره بل مجبر، أعياه المرض فغاب راقدا على السرير الأبيض، أو أثقله الدين أو أغراه الشيطان في لحظة ضعف فغاب وراء القضبان. عضو المجلس البلدي بمحافظة الأحساء وعضو هيئة التدريس بالكلية التقنية المهندس سلمان الحجي يعبر عن مشاعر العيد «ندعو في كل يوم بهذا الشهر الكريم أن يقضي حوائج المسلمين ومن ذلك أن يغني كل فقير ويفرج عن كل مكروب ويفك كل أسير ويكسو كل عريان ويشفي كل مريض، فندعو الله سبحانه وتعالى أن يشفي المرضى ويطلق سراح المعتقلين، أما أسرهم فندعو الله لهم بالصبر وتخطي تلك المرحلة العصيبة عليهم، ونعرف أنهم يعيشون في حالة نفسية قاسية من نواح عدة منها ضعف الوضع الاقتصادي لبعضهم، وغياب قائد الأسرة وخصوصا في مثل مناسبات الأعياد، ولا نغفل رصد واقع الأسر القريبة من قبل أسرة المريض أو السجين وكيف أن أقرانهم يعيشون تحت مظلة أب يحميهم ويوفر لهم احتياجاتهم ويشاركهم الفرحة ويمنح أطفاله العيدية ويوفر لهم الأجواء الترفيهية المناسبة». ويضيف «في هذا الجانب نقدر ما تقوم به بعض الجمعيات الخيرية من زيارة للمرضى بالمستشفيات وتوفير احتياجات العيد لأسر السجناء والمرضى من الكسوة والعيدية ووسائل الترفيه، ونتمنى أن تتفاعل كافة الجهات الحكومية ومؤسسات العمل المدني في إيجاد حلول للسجناء بما يضمن تعجيل إطلاق سراحهم وتمكينهم من مشاركتهم فرحة العيد مع أسرهم». مواساة لازمة ويقول حسين آل ربح «في اعتقادي أن السجين مهما فاتته فرحة العيد ولقاء الأحبة فإنه سيبقى سجينا ليس باستطاعته ربما الخروج من السجن، لكن ما أقسى أن يكون الإنسان حرا طليقا لكنه لا يستطيع لقاء الأهل والأحبة في العيد بسبب مرضه الذي ألزمه الجلوس على السرير الأبيض هناك بالمستشفى، وما أقسى أن يكون الإنسان حرا لكنه سجين الفراش بعيدا عن أهله وأصدقائه وجيرانه، ولذلك فإن الأهل والأصدقاء متى زاروا المرضى والسجناء فسيكون لذلك الأثر الكبير في نفوسهم كونهم بعيدين عنهم». ويتابع «أرى أن على المستشفيات والسجون أيضا أن تفتح الزيارة طوال أيام العيد ولفترات أكثر ليتمكن من في السجون والمستشفيات من لقاء الأهل والجيران والأصدقاء، فتحديد ساعات قليلة للزيارة تحد من زيارة كثير من الناس ومتى ما فتحت المستشفيات والسجون أبوابها لساعات أكثر فمن المؤكد أن يكثر زائروهم، ولا أنسى المتوفين فإن زيارة القبور في أيام العيد وقراءة سورة الفاتحة لموتى المؤمنين والمؤمنات توجب الأجر والثواب، ووردت أحاديث كثيرة تؤكد أن زيارة القبور مستحبة لأنها تذكر الناس بالموت». توازن نفسي من جهته يقول إمام وخطيب جامع بمحافظة الأحساء عبدالمنعم بن عبدالعزيز الحسين «فرحة العيد ومعايشة المناسبة بمظاهرها ومشاعرها شكل من أشكال التوازن النفسي والاجتماعي ومظهر من مظاهر الاستقرار السياسي والاقتصادي والأمني، وإظهار الفرح والسرور والتوسعة على الأهل والعيال في أيام العيد هي شكل من أشكال العبادة التي يؤجر عليها العبد إن هو أخلص النية واجتهد في جعل المناسبة تنسجم مع تعاليم الدين الحنيف، قال تعالى «قد أفلح من تزكى، وذكر اسم ربه فصلى»، قال أهل العلم إن الآية الكريمة تعني العيد، وأن الصلاة هنا هي صلاة العيد ناهيك عن الآثار الواردة عن المصطفى، صلى الله عليه وسلم، وصحابته الكرام في شأن التجمل والاغتسال يوم العيد ولبس أحسن الثياب، لكن أحيانا قد تكون هناك ألوان من الظروف التي قد تقلل من فرص بعض الفئات في المجتمع من عيش لحظات وأيام العيد على الشكل المبتغى من الأنس والفرح كما هو معلوم من تلك الفئات هم فئة المرضى المنومين في المستشفيات، وكذلك المساجين، وقد نعم أيضا ذووهم سواء كانوا زوجات أو أولادا أو عموم الأقارب من الدرجة الأولى». ويضيف الحسين «ما يحدث حاليا هو ضغط ورغبة الكثير من المرضى المنومين في المستشفيات على أطبائهم بأن يرخصوهم أيام العيد ويسمحوا لهم بالخروج على مسؤولياتهم ومسؤولية أهليهم في متابعة حالاتهم الصحية من داخل المنزل ويؤجل بعض العمليات لما بعد العيد، ولقد شاركت في زيارة لمرضى المستشفى المنومين يوم العيد مع المشرف الاجتماعي بأحد المستشفيات فلاحظت أن كثيرا من الأسرة في الغرف فارغة، وأن عدد المنومين قليل، فلما استفسرت عرفت أن أغلب الحالات التي يمكن لها أن تخرج وتعيش العيد مع أهاليها يرخص لهم من قبل أطبائهم استجابة لرغبتهم أو رغبة أهاليهم، وكذلك للأثر النفسي الجيد الذي يساهم في تحسين وتسريع العلاج حال خروج المريض وعيشه هذه اللحظات بين أهله وأسرته وأولاده، وكذلك الأثر السلبي الذي يؤخر ربما تشافيه في حال تعذر خروجه من المستشفى، وتجد الأطباء في حالة استنفار قصوى قبل العيد مباشرة في اتصالات ومحاولات من المرضى وذويهم لكي يرخصوا لهم لعيش هذه اللحظات السعيدة بطبيعتها بعيدا عن المشفى والتنويم والأسرة البيضاء، أما الحال بالنسبة للمساجين والذين يقضون محكوميتهم فهو مختلف حيث يقتضي تطبيق الأحكام حبسهم وتأديبهم وحرمانهم من وجودهم مع أهلهم مما يصعب خروجهم، ومع ذلك نشاهد ونلاحظ أن ولاة الأمر مع كل رمضان يفرجون عن الكثير من المساجين غير المحكومين بسبب جرائم خاصة وحقوق خاصة بأنهم يشملهم العفو الملكي الكريم في تلك الأيام فيفوزون بفرصة عيش العيد الطبيعية.أما المحكومون الذين لا يشملهم العفو فهم يبقون ويمر عليهم العيد قاسيا يتألمون هم وذووهم من الحرمان». صحة وحرية وترى مديرة وحدة الإعلام التربوي بالأحساء سميرة بنت عبدالوهاب الموسى أن العيد فرحة لكل مسلم أينما كان وعلى أي حال في مشارق الأرض ومغاربها، وكل يوم يمر على الإنسان وهو بصحة وعافية فهو يوم عيد، وعندما يفتقد الإنسان صحته أو حريته لأي سبب كان فهو الأجدر بالمعايدة، ومن واجبنا تجاه هذه الفئة «السجناء والمرضى» مشاركتها وجدانيا بشتى الطرق والوسائل المسموحة والمناسبة للظرف والمكان استشعارا للقيم الإنسانية والواجب، ولموتانا في العيد حق أيضا، فحق الدعاء لهم في كل يوم وحين، وحقهم أوجب في يوم العيد صلة بأرحامهم وصديقهم وترحما عليهم». أما المهندس حسن بن محمد الزهراني فيقول «ليتنا نستشعر ما أكرمنا الله به من خير في بلد نتقلب فيه بنعم كثيرة. إن استثارة مكامن الخير في نفوسنا خاصة أن عددا ممن ابتلوا هم مثلنا يطمعون في حياة سعيدة هانئة» .