استمر القتال في الأحياء الجنوبية من العاصمة الليبية طرابلس، أمس، بينما ظل وسط المدينة هادئا. كما اندلع قتال عنيف حول المطار، ويجوب آلاف من الشباب المزودين بأسلحة ثقيلة شوارع المدينة. وواصل الثوار محاولة إحكام السيطرة على المطار الذي سقطت فيه قذائف أدت إلى احتراق طائرة مدنية. وذكر الثوار أن القصف يأتي من قرية شرقي المطار، تتمركز فيها وحدات مؤيدة للقذافي تحاول وقف تقدمهم في أحياء العاصمة، مشيرين إلى أن وجود المدنيين في القرية يدفعهم إلى التريث في اختيار طبيعة الرد على مصادر النيران. وتستخدم العناصر المؤيدة للقذافي صواريخ «جراد» وقذائف الهاون في الضربات الموجهة إلى المطار. وواجهت قوات الثوار مقاومة شديدة وهي تستعد للزحف على مدينة سرت مسقط رأس القذافي. وقد عززت وحداتها في رأس لانوف بعد أن سحبت مقاتلين من مواقع أقرب إلى سرت لاتقاء نيران صواريخ قوات القذافي. وقال أحد قادة الثوار إنه يتعين عليهم أن يتقدموا بحذر بسبب الأعداد الكبيرة من المدنيين القاطنين في بلدات تقع على الطريق إلى سرت. وأعلن المجلس الوطني الانتقالي في بنغازي أنه سينقل لجنته التنفيذية إلى طرابلس لممارسة مهام الإدارة الحكومية. وقد وافقت الأممالمتحدة على الإفراج عن 1.5 مليار دولار من الأموال الليبية المجمدة لاستخدامها في الوفاء بالالتزامات الملحة. وفي السياق الأمني، أعلن مسؤول في حلف شمال الأطلسي لشبكة «سي إن إن» الأمريكية أن دول الحلف تسعى لمعرفة كمية الصواريخ المضادة للطائرات من النوع المحمول على الكتف «سام»، التي لاتزال موجودة في ليبيا، وتحديد هوية الجهة التي تمتلكها. وذكر المسؤول أن الجيش الأمريكي قدر وجود أكثر من 20 ألف صاروخ لدى ليبيا، جرى تدمير بعضها خلال المواجهات الأخيرة. كما أن لدى طرابلس عشرة أطنان من غاز الخردل، لكن واشنطن سبق لها أن أعلنت أنها مخزنة بشكل آمن وفي حاويات فولاذية. وأوضح مسؤول أمريكي أن الوحدة العسكرية التي تحمي مخازن الغاز، لاتزال تقوم بنفس الدور حتى بعد سقوط العاصمة بيد الثوار، وهي لم تغادر مواقعها كما أنها لم تحاول الوصول إلى المخازن، واستنتج أن هذا يدل على استمرار وجود شكل من أشكال الحضور العسكري لنظام القذافي. وفي هذه الأثناء أعلنت وزارة الدفاع البريطانية أن مقاتلات من طراز تورنادو قصفت مقر قيادة لقوات النظام في سرت. وبحسب بيان الوزارة، أطلقت الطائرات صواريخ موجهة على قبو يضم مركز قيادة وسيطرة، ولم ترد أنباء عن وجود القذافي في سرت أثناء الغارة. وقال وزير الدفاع البريطاني ليام فوكس إنه من المبكر إعلان الانتصار على القوات الموالية للقذافي في ليبيا. وقال فوكس في لقاء مع هيئة الإذاعة البريطانية إن مهمة حلف شمال الأطلسي «الناتو» لم تكتمل بعد، وإن الأولوية الآن لحفظ الأمن والاستقرار في طرابلس وبقية المناطق المضطربة حتى تسيطر عليها قوات المجلس الانتقالي بالكامل. وأضاف فوكس «لا بد أن يتأكد الناتو أن بقايا النظام قد أدركت أن اللعبة انتهت وأن المجلس الانتقالي هو الذي سيقود مستقبل ليبيا بناء على اختيار الشعب الليبي». ومضى قائلا: «المهم أن تدرك تلك العناصر الموالية للقذافي أنهم خسروا المعركة بالفعل، وهذا مهم جدا لفرض الأمن». وذكر تقرير إخباري أن الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي ورئيس الوزراء البريطاني ديفيد كاميرون سيزوران ليبيا معا فور أسر القذافي. وقالت صحيفة «لو باريزيان»، أمس، إنه من المحتمل أن تجرى الزيارة بعد المؤتمر الدولي بشأن مستقبل ليبيا الذي يعقد في باريس، مطلع سبتمبر المقبل. وبعيدا عن العاصمة طرابلس يريد ساركوزي السفر إلى معاقل الثوار في بنغازي ومصراتة، حسبما قال مساعدوه للصحيفة. ويتصدر ساركوزي وكاميرون حملة التدخل العسكري تأييدا للثوار الليبين .