بعد أسبوعين من النشاط، طوى مهرجان أرامكو الرمضاني برامجه، مجددا الوعد ببرنامج عيد أرامكو الذي ينطلق في الثاني من شوال المقبل، ليستمر حتى التاسع من نفس الشهر. وفيما كان حفل الختام للمهرجان الرمضاني مشتملا على أوبريت بعنوان «سائر» أداه المنشد عبدالمجيد الفوزان، ونفذه عدد من الأطفال، حل رجل الأعمال وأحد ذوي الاحتياجات الخاصة عبدالرزاق التركي ضيف الختام، في ندوة أقيمت على هامش الختام، والذي أعلن أن الإعاقة ليست في الجسد، إنما في النفس والروح والسلوك. وروى التركي وهو كفيف تجربته في ميدان العمل، وذلك خلال الندوة التي أدارها الإعلامي عبدالله العمري، مشيرا إلى مراحل طفولته في مدينة الظهران: «فقدت بصري بعد عام ممن ولادتي في عام 1960م، وفقداني للبصر لم يمثل لي إعاقة أو سببا للانكسار ولم يمنعني أن أمارس طفولتي بشكل طبيعي مع باقي الأطفال، وبشكل فوق الطبيعي مثلي مثلهم ومارست جميع الألعاب وتبادل الأحاديث بشكل طبيعي». وبين أنه: «بسبب عدم وجود مدارس للمكفوفين في مدينتي الظهران، قرر والدي أن يأتي ببعض المعلمين لتعليمي أساسيات اللغة والكتابة، فكان في داخلي إرادة وقرار أن أكون متميزا وبالفعل كنت متميزا في دروسي، بعد ذلك قررت مع والدي الالتحاق بمعهد النور للمكفوفين في منطقة القطيف وحصلت على الثانوية العامة، ثم كانت بداية رحلتي التعليمية التحقت بأحد المعاهد المتخصصة في لندن، وهناك تعلمت وتدربت على كل الفنون التعليمية من فن الحركة والطباعة وأهم شيء هو الاعتماد على النفس والذات وعدم انتظار الشفقة من الآخرين أو الاستسلام لأي مرض أو عاهة». ويتابع التركي: «وفي الثمانينيات التحقت بإحدى الجامعات الأمريكية وقررت أن أتخصص في مجال العلاقات الدولية وعلم الاجتماع وحصلت على البكالوريوس، ثم حصلت على الماجستير في مجال العلاقات الدولية، وعملت محللا سياسيا في السفارة السعودية، وقد تعلمت من خلال دراستي وأسفاري أكثر من لغة، إضافة للغة الإنجليزية تعلمت اللغة الفارسية والأوردية واليابانية». ويصر عبدالرزاق التركي على أنه ليس كفيفا أو من ذوي الاحتياجات الخاصة: «فالجميع يحتاج للمساعدة وأن المكفوفين على مدار التاريخ كان من بينهم الوزير والفنان والرسام والموسيقي والمبدع والشاعر، هم فقط بحاجة إلى إعطاء فرصة وفتح الباب أمامهم ليقدموا ويخدموا أوطانهم، وأتمنى أن تفتح كل المؤسسات الخاصة والحكومية للمعوق حتى يكون أحد أفراد الوطن. المعوق في الحقيقة ليس في الجسد كفيفا أو صم أو أبكم، الإعاقة هي في العقل والفكر والسلوك». ويتحسر التركي على حال المعوق في العالم العربي: «للأسف الشديد يعيش وضعا مهينا وأكثر من مأساة، وينظرون إليه نظرة دونية، فنحن إلى الآن نعاني من عدم وجود مكان خاص للسيارة، مصعد أو درج خاص للسير عليه، مدارس متخصصة وخاصة جامعات وهكذا، صدقوني لا تتعاملوا معنا بالشفقة وأننا مساكين، فنحن مثلكم بشر لدينا إحساس وشعور وحب للحياة وللوطن وللعمل ونمتلك أدوات الإبداع والتميز». وتحدث عبدالرزاق التركي عن حياته الخاصة وقصة زواجه، حيث استمر البحث عن زوجة أكثر من أربع سنوات بمساعدة إحدى شقيقاته، وكان يهدف من الزواج إلى التعرف قبل الارتباط بكل المحاسن والعيوب حتى توفق بالزواج من امرأة من إحدى الدول العربية كانت تهتم بتدريس المعوقين وتستغرب من عدم الزواج من معوق: «وقد طلبت زوجتي اللقاء لبعض الأسئلة والاستفسارات كما كان عندي أيضا، استفسارات وأسئلة وكان التوافق والاتفاق، وزوجتي قمة في الرقي والتعامل، وإنها زوجة من الدرجة الأولى، ولها الفضل بعد الله سبحانه وتعالى في مواصلة دروب الحياة والعمل، وقد رزقني الله منها بقمرين نور وعلي». ويرى التركي أن ما تفعله الحكومة جهد كبير مادي ومعنوي: «وهناك تطور بالنسبة للاهتمام بالمعوق ومتطلباته ولكنه غير كاف، وخاصة من جانب أفراد المجتمع، فلا بد أن يعيش المعوق حياته الطبيعية وبمساعدة الجميع دون سماع كلمة مسكين، لابد أن يدخل المعوق مجال العمل ليس من أجل وجود السعودة كما تفعل بعض المؤسسات الخاصة، وهذا استغلال لحالة وحاجة المعوق، وأتمنى من الجمعيات أن تبذل جهدا أكبر وأكثر مثل إقامة ناد خاص للمعوقين وتعليم فن الكتابة والخطابة، فالمعوق يريد أن يعيش الحياة حياة كريمة دون الحاجة إلى أن يمد يده ماديا أو معنويا للآخرين». يذكر أن مهرجان أرامكو الرمضاني استقبل هذا العام نحو 11 ألف زائر، فيما إجمالي الزائرين في المهرجان الصيفي والرمضاني تجاوز 380 ألف زائر .