امتلأت قاعة مركز الأمير سلطان للعلوم والتقنية “سايتك” بالأمل والتفاؤل والإصرار خلال أمسية “أنا كفيف وأبدعت”، حيث تم عرض تجارب إبداع ونجاح تبادلها المكفوفون بكل فخر واعتزاز، وهي تجاربهم الخاصة التي أثبتوا من خلالها أن العالم لا يتوقف بفقدان الإنسان بصره، وأن الأمل ينبثق من أعماق الإنسان مشاعر أثرت في الحاضرين وجعلتهم ينظرون للمكفوف من نواحٍ إيجابية بعيداً عن الإحساس بالشفقة أو العجز. وشارك في الأمسية عدد من المكفوفين المبدعين من خلال تجاربهم، من بينهم محمد توفيق بلو شارك الحاضرين قصة نجاحه بعد أن فقد بصره وبدأت مسيرته في عالم جديد، اختار أن يكون عضواً فاعلاً في عدة جمعيات داخلية ودولية للمكفوفين، وشارك في مشروعات لتطوير الخدمات لذوي الإعاقة البصرية، أنتج فيلماً وثائقاً يحكي قصته بعنوان “رحلتي في الظلام الأبيض”، كما قرر عبدالرزاق التركي أن يروي قصته، وهو حاصل على شهادة بكالوريوس وشهادتي ماجستير من الولاياتالمتحدةالأمريكية، وعضو فاعل في مؤتمرات وجمعيات لذوي الإعاقة، وحاصل على أوسمة شرف وجوائز نظير مشاركاته الفاعلة في منظمات وجامعات دولية، أما محمد الشمري فحائز على جائزة أفضل كفيف مستخدم للكمبيوتر، بالإضافة إلى شهادات في الهندسة الصوتية وفن إتقان الحركة للمكفوفين. وقد شارك الشيخ الدكتور سلمان العودة حضور الأمسية من خلال تسجيل تليفزيوني ذكر فيه أجر دعم ذوي الاحتياجات الخاصة، وأثنى على المبادرة والقائمين عليها. وكانت أمسية “أنا كفيف وأبدعت” التي أطلقتها جمعية واعٍ بالتعاون مع مركز الأمير سلطان للعلوم والتقنية “سايتك”، وشركة التركي، بمثابة مهرجان خاص للتعريف بحياة المكفوفين من خلال إبداعاتهم، ومن مدخل المركز بدأ الإبداع بين يدي فنانات النحت المكفوفات، حيث تجلس فتاتان مكفوفتان لنحت مجسمات أمام زوار المعرض وتشرحان للزوار كيفية الإحساس بالمنحوتة وتشكيلها من خلال اللمس فقط. تجلس زهرة علي الصفار أمام إحدى منحوتاتها تتحسس تفاصيلها وتعيد تشكيلها بمهارة تجعلك تعتقد للوهلة الأولى أنك أمام نحّات محترف ينظر للمجسم ويشكله بمهارة، إلا أن زهرة هي إحدى المكفوفات الهاويات للنحت، تقول: “ولدت مبصرة وبدأ يكف بصري في الصف الخامس الابتدائي حتى انفصلت الشبكية تماماً وأنا في عمر 15 سنة”، وأضافت: “تعلمت النحت في المرحلة المتوسطة من خلال معلمة الفنية، وأحببته، مما جعلني أشارك في دورات تعليم النحت في جمعية المكفوفين في القطيف، وبدأت في المشاركة في مناسبات ومسابقات وفزت في مسابقة النحت في جمعية القطيف للمكفوفين، وأستوحي أفكار منحوتاتي من خلال اللمس فعندما ألمس شيئاً وتعجبني تفاصيله أبدأ في تقليده”. وتشارك المدربة وفنانة النحت عبير البشراوي المكفوفات في العمل على المجسمات وتقول: “تطوعت لإعطاء دورات نحت في جمعية المكفوفين في القطيف، وهي تعدّ أول دورة نحت في المملكة للمكفوفين، وما جعلني أتجه لهذه الفئة هو أنها من الفئات المنسية في المجتمع، ودائماً ما يتجه الناس للفئات الأخرى من ذوي الاحتياجات الخاصة بينما الاهتمام بالمكفوفين محدود وقليل، لذلك أحببت أن تكون لدي بصمة مع هذه الفئة وفي نفس الوقت أساعدهم على تعلم النحت للتغلب على مخاوفهم وتنمية إدراكهم بحيث يخرجون برسالة ليوصلوها للمجتمع. من ناحيتها، أشارت صاحبة المبادرة منال الخضير، إلى أن هدف المبادرة هو لفت نظر المجتمع لهذه الفئة وإبداعاتها، وقالت: “الفكرة خطرت لي بعد حضوري أمسية في إحدى أندية الخطابة، حيث رأيت إبداع أحد المكفوفين عبدالرزاق التركي وخطر على بالي سؤال لماذا لا يكون الجميع بهذه الروح وهذا الإبداع ليس فقط المكفوفون، بل أيضاً المبصرون، وبدأت التفكير جدياً في إنشاء المبادرة وتوجهت مباشرة لشركة التركي كونها تعنى بذوي الاحتياجات الخاصة وعرضت عليهم الفكرة فرحبوا بدعم المبادرة”، وعبرت الخضير عن سعادتها بالحضور الذي فاق توقعات الجميع وبالتفاعل الذي ظهر جلياً على الحضور. يذكر أن المبادرة شاركت فيها عدة جمعيات للمكفوفين من القطيفوجدة والرياض.