لا شيء كأيام رمضان وجوع نهاره قادر على جعلنا نعي ما يعانيه إخواننا المسلمون في الصومال، فعطش ساعات وجوع نهار تتلوهما مائدة لا يؤكل سوى ربعها من تعدد أصنافها، مثال تقريبي لعطش أيام وجوع ليال في الصومال، ولا شيء سوى الأمل والانتظار! ذلك الموضع المحزن المؤسف، لا يدفعنا فقط إلى المسارعة في المساهمة لإنقاذ إخواننا الجوعى، بل حتى إلى الخجل من بقايا الطعام التي يزهد عنها ولا يكون مصيرها سوى الاستقرار في قاع السلال. إذا ما جلنا ببصرنا في المائدة الطويلة العريضة الحافلة بغية الاختيار، جميل إذا ما تذكرنا الدكتور سلمان العودة بمقولته: «في الوقت الذي تحتار فيه لاختيار طبق الطعام، فإن الأم الصومالية تحتار في اختيار الابن الذي تعطيه القليل من الطعام ليموت الآخر»! نعمة من الله ما نرى من تيسير سبل الإنفاق والتبرع لإخواننا، فلا جهد أكثر في التبرع للصومال منه للتبرع لمنطقة مجاورة، لكنما هو التوفيق الذي يمنع بالسيئات. القرصة من الجوع هنا يقابلها «تلو» هناك، ولقمة تشارك هنا تقابلها أخرى «تؤثر» هناك، ووجود إخواننا في الصومال بما يقاسون من مرارة الجوع «نعمة» في أن نجد مصارف مستحقة للصدقة، بل وفي أحوج ما تكون لها. «كان رسول الله صلى الله عليه وسلم أجود الناس، وكان أجود ما يكون في رمضان».. لندخر – بصدقتنا – من زاد اليوم لعطش الغد، ومن حر يطاق لآخر لا يطاق.