عندما يهل هلال رمضان يبدأ شباب مناطق المملكة عامة والمنطقة الغربية خاصة بتجهيز عربات بيع البليلة وكشكات بيع السوبيا، والمأكولات الرمضانية مثل السمبوسة والكبيبة وغيرها من المأكولات التي اعتاد أهل المنطقة الغربية على تناولها في رمضان. وقد تصبح هذه المأكولات مرغوبة لدى زوار المنطقة أيضا، بحيث يبدؤون بتجهيزها للبيع على طرقات وأزقة مدن المنطقة الغربية. فلا تكاد أن تمر بشارع من شوارع مدن المنطقة الغربية إلا وتجد على قارعة الطريق عربة بليلة أو طاولة لبيع السمبوسة وغيرها من المأكولات الرمضانية، وفي الغالب قد تكون منزلية الصنع ولن يشدك فقط منظر هذه العربات والكشكات، ولكن يتميز شباب المنطقة بالأهازيج الخاصة لهؤلاء الباعة. ومع أن أغلب البضائع منزلية فيلاحظ أن لبعض الباعة على قارعة الطريق صيتا وسمعة تنافس أكبر مطاعم المنطقة، فلا تعجب عندما تسمع أن أحدهم قد يقطع مسافات طويلة لكي يتحصل على كيس سوبيا أو كيلو سمبوسة. أحمد إبراهيم شاب يمتلك عربة لبيع البليلة، اعتاد منذ صغره على الوقوف خلف هذه العربة بداية مع والده، إلا أنه أصبح الآن يديرها بنفسه، حتى باتت مهنة بيع البليلة تدر له دخلا إضافيا جيدا، إلا أن الدافع الأول لامتهانه بيع البليلة هو ملء وقت الفراغ، كما أنها عادة اعتاد عليها في شهر رمضان خاصة. مروان علي شاب آخر اعتاد بيع السوبيا في رمضان، بأنواعها المختلفة الحمراء والبيضاء والتمر الهندي «وكلها من المشروبات التي تتميز بها المنطقة الغربية، بحيث إنها قد تعد من أهم المشروبات على مائدة الإفطار». فيما يبيع الشاب هشام سليمان خلف طاولته المتواضعة أنواعا متنوعة من المأكولات الحجازية، مبينا أنه يبيع ما تصنعه والدته في المنزل من المأكولات الحجازية لغرض القضاء على وقت الفراغ، وتوفير بعض المال للمساعدة على توفير حاجات عيد الفطر المبارك، مشيرا إلى أنه يبيع السمبوسة بنوعيها الرقاق والعجين. وفي المنطقة الجنوبية رصدنا أغلب ما تمتاز به المنطقة خلال شهر رمضان المبارك قبل فترة الإفطار، فكان هناك باعة منتشرون على قارعة الطريق من صغار السن الذين لم تتجاوز أعمارهم ال15 يبيعون «الخبز» المعمول في التنور المسمى في المنطقة الجنوبية الميفي الذي يعتبر علامة فارقة في حكاية المرأة الجنوبية مع الطهي. حيث إن هذا النوع من الخبز يعتبر معيارا يميز براعة المرأة الجنوبية عن غيرها، ورغم تقدم وسائل وأنواع وأشكال الخبز إلا أن خبز التنور ظل يتربع على أهم وأرقى الولائم الرمضانية في المنطقة الجنوبية؛ لكونه يعمل بطريقة معينة ويمتاز بشكله المستطيل ووضعه في حافظة خاصة لحفظ حرارته والمسمى «الجونة». وكذلك بيع السمبوسة وبيع الخضار، حيث يبيع هؤلاء الباعة بالقرب من مزارعهم على قارعة الطريق. عبداللطيف اليحيى البالغ من العمر 12 عاما، أحد هؤلاء الباعة، حيث يبيع خبز التنور والسمبوسة على طاولة بإحدى الطرق الرئيسة قرب منزله، مشيرا إلى أن الخبز تعده والدته «لأبيعه خلال هذا الشهر الكريم». وفي مكة ضرب أحد الأطفال بمكةالمكرمة مثالا رائعا في الاعتماد على النفس باتخاذه ركنا قصيا إلى جوار مجمع تجاري بحي العمرة لبيع البليلة التي احترف إعدادها على الطريقة المكية، وتلقى دروسا في طهيها على يد والدته التي لم تبخل في تلقينه أسرار الخلطة التي جذبت إليه عشاق البليلة، حيث طفقوا يأتون إليه من الأحياء المجاورة بجانب زبائنه من المعتمرين في طريقهم لميقات السيدة عائشة «رضي الله عنها». ولم يخف الطفل عمار حاشد «عشرة أعوام» اكتفاءه من العائد المادي من بيع البليلة في تجهيز مستلزمات العيد الخاصة من تفصيل ثوب وشراء الأحذية أو نحوها، وتوفير مصروف يتسنى معه الإنفاق بسخاء على عروض الألعاب المصاحبة لفعاليات ومهرجانات الأعياد «دأبت على الاعتماد على نفسي من خلال ممارسة إعداد وبيع الأكلة الشعبية البليلة، والاستفادة من وقتي في المواسم وإجازات المدارس بدلا من التسكع بالشوارع والطرقات وتمضية الوقت فيما لا يعود بالنفع والفائدة». وبين أن هذا الموسم الثالث له في بيع البليلة التي تدر عليه مكاسب مالية تتجاوز ال70 ريالا في اليوم، ناصحا أقرانه باستثمار أوقات فراغهم وصقل مهاراتهم وتنميتها في الأعمال المحببة إليهم، والتعود على الاعتماد على أنفسهم وخوض تجارب الحياة منذ نعومة أظفارهم ليستفيدوا من خبراتهم مستقبلا .