للمرة الأولى منذ نشأة جامعة الدول العربية يتنافس مرشحون لشغر منصب الأمين العام لها، ما كاد أن يشعل فتيل الفتنة في الأشهر الماضية بين مصر وقطر بعد أن تقدمت الأخيرة بمرشح قطري على غير العادة.. فقد جرى العرف أن يكون منصب الأمين العام مصريا لكون مصر صاحبة فكرة الجامعة ومقرها الدائم! وعلى ضوء هذه المنافسة النزيهة يبقى ما يحتاج إلى تفسير لكثير من العرب.. هل تقوم هذه المنافسة على أساس أن كلا من المرشحين يملك برنامجا أفضل من الآخر لإدارة الجامعة؟ أم أن ذلك طمع في شغر أكثر المناصب كمالية في الوطن العربي وأقلها فاعلية وتحملا للمسؤوليات؟ فمنذ ولادة الجامعة العربية لم يكن للجامعة دور فعال يشهد له التاريخ في خدمة العالم العربي.. وفي الوقت الذي يشهد فيه العالم العربي أشد أزماته منذ هبوب عواصف الثورات العربية من بداية العام الجاري وعلى الرغم من تنصيب أمين عام جديد لها، إلا أنه لم يصدر عنها تصريح يوحي بأن الجامعة لا تزال على قيد الحياة وأنها لا تزال تقوم بواجباتها أو جزء منها، بداية من اندلاع الثورة التونسية ثم المصرية.. وما تواجهه ليبيا –صاحبة المرتبة ال17 في إنتاج النفط عالميا من نقص في الغذاء من جراء نظام أو عشوائية القذافي.. وهدر الدم في سورية.. ووضع اليمن الذي يظل مستقبله مظلما ومعلقا بتوقيع المبادرة الخليجية.. ذلك إضافة لملفات عربية أخرى متفرقة بين قلق المنطقة من انفجار خلافات مجددة بين العراق والكويت بشأن «ميناء مبارك»، وانقسام السودان ومجاعات القرن الإفريقي، والمشكلات الاقتصادية التي تعاني منها الدول من جراء الثورات ما قد يتدهور وضعها أكثر مع ضعف الاقتصاد الأمريكي والأوروبي! لطالما انتقد دور الجامعة العربية المتخاذل في قضايا العرب، فكانت نتيجة ذلك الانتقاد أنها اليوم تتجاهل جميع الملفات العربية التي استدعت خطورتها تدخل المنظمات الدولية.. فحفاظا على صورتها التي تمثل صورة العالم العربي، نناشد اليوم الجامعة بالعودة لممارسة دورها السابق ولو اقتصر ذلك الدور على مجرد الشجب والتنديد!