تتذكر كل البنود والاتفاقيات التي عرفت حول حقوق الطفل، حين تخرج من أحد المساجد أو الأسواق، فترى فتية صغارا يعملون «مستمتعين» وبكل جد ونشاط، فهذا يبيع العلك، وآخر يحمل رزمة من «المساويك»، ويمضون في ممارسة الهواية الأنسب لسنهم، تحت لهيب شمسنا الربيعية الحانية! صورة كهذه تمثل شكلا راقيا للتكسب، وحسن استغلال لمرحلة مهمة من حياة الطفل، إذا ما قورنت بصورة الأطفال الذين يجوبون شوارعنا، والذين كثيرا ما يكون الضوء الأحمر للإشارة خيرا وأسرع دليل على أنك ستستمع «طق طق» على نافذتك خلال ثوان! إحاطة الطفل بالحب والاهتمام، والعناية بتوفير الغذاء والمأوى له، أحد أبسط الأبجديات في حقوق الطفل، ذلك الطفل الذي استغل ليكون بعمله «وعرق جبينه» مصدرا للدخل المادي، وبات من له الحق في الإيواء يحاول تخفيف العناء عن نفسه بالاستظلال بفيء الشجر. قبل أن نعجب من هول حجم الثروة التي يجمعها منظمو عمليات التسول، وقبل أن نهتم بشكل مدننا الرئيسة والانطباعات التي يبنيها السياح والزوار حين يشاهدون أمثال تلك الممارسات، لتحظى تلك البراءة منا باهتمام، فمتى طوع الأطفال وصيروا أدوات لجمع المال، هذا إذا لم يشوهوا بالعاهات والإعاقات المفتعلة التي نشاهدها، وجب أن يكون الحل شافيا من الداء، وأن يكون العقاب رادعا لمن يكمنون وراء الممارسات. إذا ما تصورنا أهمية مراعاة نفسية الطفل وإشعاره بأهميته وكيانه، كما حين استأذن النبي صلى الله عليه وسلم الطفل في أن يسقي الأشياخ قبله، نعلم أن الجهود التي تبذل لتوفير المسكن والمأكل والمشرب، وغيرها مما جاءت به الجمعيات والمنظمات، جزء بسيط وبدهي من حقوق الطفل، الطفل الذي عني به وكفل حقوقه ديننا، من اختيار أمه قبل أن يوجد، وحتى يخرج سويا لمجتمعه.