عقدت المحكمة الجزائية المتخصصة، أمس، جلستها ال26 لنظر القضية المرفوعة على أفراد التنظيم السري ال16، المتهمين بجمع التبرعات بطرق غير نظامية وتهريب الأموال وإيصالها إلى جهة مشبوهة توظفها في التغرير بأبناء الوطن وجرهم إلى الأماكن المضطربة. وواجه المدعي العام المتهم الأول والرئيسي بأدلة تتضمن تسجيلات صوتية ومرئية حول تأييده واعتناقه لفكر ونهج تنظيم القاعدة الإرهابي ودعوته للنفير لإثارة الفوضى بالداخل، كما أدلى المتهم ال15 بشهادته أمام المحكمة عن اتصال المتهم الأول وإلتقائه بعناصر من الجماعات المسلحة بالعراق وجمع التبرعات لتمويل الأعمال الإرهابية. وطلب المتهم الأول من المحكمة إحضار عدد من الشهود للاستماع إلى أقوالهم، وتمكينه من توكيل محام للدفاع عنه بديلا عن المحامي السابق ووعدت المحكمة بالعمل على ذلك. بداية المحاكمة بدأت الجلسة في تمام الساعة التاسعة والنصف صباحا بحضور والمتهم الرئيسي والأول في القضية، وأحد أبنائه، بعد أن سمح له القاضي انطلاقا من علانية الجلسات، وبدأ القاضي الجسلة بمناقشة المتهم في مذكرة دفاعه الخاصة بالأدلة المقدمة من المدعي العام، حيث أنكر من خلالها المتهم الأول الإقرار المنسوب إليه بقوله إن هذه الإقرارات والاعترافات هي من صياغة المحققين وأنه رغم اعتراضه، إلا أنه أشار إلى أن هذه الاعترافات أخذت من ذاكرته المجهدة، وخلال الظروف السيئة والقاهرة التي كان يعاني منها، واستجابة للضغوط الرهيبة والمتوالية من المحققين والسجانين ومعاونيهم، التي وصفها حسب تعبيره بأنها وصلت إلى الإكراه المادي والمعنوي. كما طعن المتهم الأول في الأدلة بشكل عام، ناكرا ما جاء في العديد من الفقرات التي تناولتها اعترافاته، فيما اعترف ببعض الفقرات، طالبا من خلال دفاعه، الاطلاع علي ملفات التحقيق الأصلية التي أجريت معه، لكي يتأكد من كل ما كتب فيها، الأمر الذي مكنه القاضي منه، وكان مصادقا عليها. وناقش القاضي المتهم في اعترافاته والنقاط التي أنكرها، تهمة العمل الإغاثي دون تصريح رسمي، التي اعترف فيها بأنه لا يحمل تصريحا رسميا للعمل به، ولكنه في رده أكد أنه لم يعترف بذلك، مضيفا أنه «في الأساس لا يوجد تنظيم للعمل الإغاثي في المملكة، وبالتالي فإنني لا أملك تصريحا، ولكنني أستأذنت أحد المسؤولين، الذي أطلبه للشهادة على ذلك، والعمل الإغاثي أجبت عليه في ملفات التحقيق من ناحيتين الأولى طبية فنية، وقصدت بذلك أن الطبيب يستطيع الذهاب إلى العمل الإغاثي وفقا لشهاداته التي حصل عليها، ولا يحتاج إلى ترخيص من دولته أينما كانت كما هو المعمول به في كل دول العالم، والناحية الثانية أنه لا يوجد في المملكة سوى هيئتين إغاثيتين، الأولى هيئة الإغاثة الإسلامية وهي تتبع لرابطة العالم الإسلامي وليست للمملكة، والأخرى الندوة العالمية للشباب الإسلامي، والعمل الإغاثي خارج عن نطاقها التخصصي». وبعد انتهاء المتهم الأول من دفاعه، طلب القاضي تقديم أدلة على ما قاله من حيث استئذانه في الخروج للعمل الإغاثي، ليرد المتهم بأنه لا يوجد لديه أي دليل مادي، لأن الدولة ترفض العمل بالمخاطبات الرسمية، طالبا شهادة أحد الضباط وأصحاب الفضيلة الذين نصحوه بالاستئذان – حسب قوله. وبعدما أبدى المتهم عجزه عن التمكن من إحضار الشهود للإدلاء بشهاداتهم، طالبا من المحكمة استدعاءهم، أكد له القاضي عدم استطاعته إجبار أحد على الإدلاء بشهادته، مشيرا إلى أنه مع ذلك ستخاطب المحكمة الجهات المعنية لإبلاغ من يطلبهم للشهادة للحضور. كما طالب المتهم الاستماع إلى شهادة زوجته وإخوته وزملائه في القضية، وإطلاق سراحه، وتمكينه من البحث عن محام. تهمة الأشرطة انتقل القاضي إلى تهمة توزيع أشرطة خاصة بما يسمى الجيش الإسلامي، وقال المتهم الأول إنه لم يوزعها على الشباب، مؤكدا أنه سلمها لأحد المتهمين معه في القضية لإيصالها حسب مزاعمه إلى مشايخ ثقاة، ولكنه استدرك في اعترافاته بأن هذا المتهم لم يكن الشخص المناسب، معترفا بأن ما ذكر في ملف القضية كان بالفعل حديثه، ولكنه طلب عدم اجتزازه من مكانه وربطه بما سبقه وما قبله من الاعترافات أثناء التحقيق. بعد ذلك طلب المتهم الالتزام بالصمت، طالبا ردا مكتوبا لكي يستطيع الرد عليه كتابيا، خاصة أنه لم يعد لديه محام، مطالبا بإطلاق سراحه أسوة بزملائه في القضية الذين أطلق سراحهم، وقال «أنا لست محاميا ولا قاضيا، وليس لدي خبرة في القانون، وأحتاج إلى محام لكي يرد الرد القانوني الذي لا يضر موقفي في القضية» عندها أكد له القاضي أنه يحق له توكيل أي محام يراه بديلا عن المحامي الذي تم طرده من قبل القاضي في الجلسات السابقة لعدم التزامه بآداب المحاماة وفق ما قاله القاضي. وكرد فعل من القاضي على طلب المتهم الالتزام بالصمت حول كل النقاط، قال القاضي «إنني أوجه لك سؤالا حول أقوالك في ملفات التحقيق التي طلبت من المحكمة إطلاعك عليها، وهل هي من كلامك أم تنكرها؟»، ثم عرض القاضي مقطعين تسجيليين أحدهما بالصوت والصورة والآخر بالصوت فقط، استمرا لمدة 17 دقيقة، سجلهما المتهم في منزله قبل القبض عليه، حيث بدأهما المتهم بقوله إن هذا التسجيل بناء على رغبة بعض الإخوة -الذين لم يحددهم في التسجيل- وتطرق من خلاله إلى الجهاد وأنه تقدم بالنصيحة إلى ولاة الأمر بالتدخل في شؤون العراق، وأن على المملكة أن يكون لها دور كبير في العراق. وظهر المتهم في الشريط بشكل مضطرب حيث كان يسجل كلامه في مكتب، ويجلس على كرسي متحرك وكان يهز كرسيه بشكل لافت للنظر أثناء التسجيل. وفي منتصف التسجيل الذي كان مفاجأة للحاضرين في الجلسة من رجال الإعلام، اعترض المتهم بأن الشريط المسجل فيه تقطيع، وفيه حذف لبعض الأجزاء، قائلا إن هذا دليل على أنه حدث تغيير في المقاطع من قبل جهات التحقيق، إلا أنه اعترف بأن الصوت والصورة في المقطعين يخصانه، مضيفا أن «الإجابة على هذا المقطع موجودة لديكم بالتفصيل من خلال ردي المقدم لديكم». عندها قرأ القاضي جزءا من رد المتهم الذي أكد فيه أن التسجيل صور زورا وبهتانا، ليوجه القاضي سؤاله للمتهم «كيف تربط بين هذا التناقض في إجاباتك؟» عندها رد المتهم بأن التزوير في تضخيم المدعي العام لهذا التسجيل. رفع الجلسة بعد استئناف الجلسة عقب أداء صلاة الظهر، تم إحضار أحد المتهمين وهو المتهم رقم 15 الذي أدلى بشهادات ضد المتهم الأول أثناء اعترافاته المصدقة شرعا في المحكمة الجزئية في محافظة جدة. وبدأ القاضي في مناقشة شهادة المتهم بشكل مفصل حيث جاء ضمن اعترافات المتهم ال15 قوله «إن المتهم الأول يتردد بشكل كبير على العراق، وله العديد من العلاقات هناك، ويوصل التبرعات، وأن شقيق المتهم الأول أبلغه أن سبب القبض على المتهم الأول كان اجتماعه مع مجموعة من المثقفين والأكاديميين، وكانوا يرغبون في عمل مذكرة نصيحة للجهات المختصة». عندها بدأ المتهم ال15 بالتراجع عن كل أقواله مؤكدا أن المحققين قالوا له إن أي اعتراض على اعترافاته ستعقد موقفه في القضية، ولذلك صدق على هذه الاعترافات. اعترافات المتهم الأول واعترف المتهم الأول بذهابه إلي العراق أربع مرات «وكانت رحلات إغاثية فقط، ودخلت العراق من خلال المؤسسات الرسمية في العراق، ومن خلال بعض الدول المجاورة مثل الأردن وسورية»، معترفا بأنه اجتمع مع مجموعة من المثقفين في استراحة أحد المتهمين، وكان الهدف مناقشة كيفية مناصحة ولاة الأمر بالطرق السلمية. كما اعترف المتهم الأول بجمع التبرعات للعراق وفلسطين وتسليمها لقيادات عراقية إغاثية، أو بعض مشايخ هيئة علماء المسلمين في العراق، مضيفا أن كل هؤلاء كانوا يدخلون المملكة بإذن رسمي. كما واجه القاضي المتهم رقم 15 باعترافاته أيضا فيما يخص زيارة إحدى الشخصيات للديوانية الخاصة بالمتهم الأول، التي انتقد من خلالها المنهج الوهابي كما أسماه والصحوة الإسلامية، وحركة الشيخ محمد بن عبدالوهاب، وذلك بحضور عدد كبير من فئة الشباب. كما واجهه القاضي باعترافه بالحضور إلي ديوانية المتهم الأول، وذلك في حضور شخصية عراقية تعيش في كندا، وكان يتحدث عن انتصارات المجاهدين في الفلوجة، وكان أغلب الحضور خلال هذا اللقاء من فئة الشباب، وأن المتهم الأول أحضر في نهاية اللقاء صندوقا لجمع التبرعات. بالإضافة إلى اعتراف المتهم ال15 بحضور لقاء حاشد، نشر ذلك اللقاء في إحدى الصحف المحلية، وأكد المتهمون حصول هذا اللقاء، إلا أنهم أنكروا ما دار فيه من حديث. الطعن في القضاء وواجه القاضي المتهم 15 باعترافاته التي أشار فيها إلى أنه حضر أيضا في ديوانية المتهم الأول ووجد الضيف شخصا محاميا، وكان النقاش حول القضاء ونظام القضاء، والطعن في نزاهته، وطريقة اختيار القضاة، وأن المتهم الأول كان يوافق الضيف في آرائه، وأنه طالب باستقلال القضاء عن السلطة، ليعترف المتهم ال15 بهذا الاتهام، إلا أن المتهم الأول طلب تفسير معنى استقلالية القضاء، ناكرا ما قاله المتهم ال15، ونافيا تذكره لهذا اللقاء نهائيا، ولكنه عاد وأكد أن هذا اللقاء حضره عدد من القضاة والأكاديميين، وهو لقاء توعوي فقط. عندها واجهه القاضي عن كيفية عدم تذكره بما دار في اللقاء، إلا أنه يتذكر عددا من الحضور في اللقاء، ليرد المتهم الأول بأنه يتذكر الأشخاص وخاصة المعروفين، لكنه لا يتذكر ما طرح في اللقاء، الذي حسب قوله كان يتحدث عن القضاء في الإسلام، وليس عن القضاء في المملكة فقط. تكفير الرموز بعد ذلك عرض القاضي جزءا من اعتراف المتهم ال15، التي ورد فيها أن شخصا مسجونا حضر في منزل المتهم الأول، حيث تناول تكفير بعض الشخصيات ورموز الدولة، فأكد المتهم بأنه قال ذلك، ولكنه أخطأ في نقل الصورة «بسبب ما حصل لي من ضغط من المحققين والسجن». فيما أشار المتهم الأول أن هذا هو نموذج واحد فقط نتيجة الاضطراب الحادث من شهادة هؤلاء الشباب عندما يمارس المحققون هذه الضغوط «ويؤكد ما طعنا فيه من كل هذه الاعترافات والشهادات التي ساقها المدعي العام، وأنا أجزم بأنه لم يدخل منزلي أحد يكفر الدولة»