وصف الداعية الدكتور محمد العريفي قبل بضعة أشهر في إحدى خطبه بعض الصحفيين بالخونة فثارت ثائرة الإعلاميين من جهة وبعض طلبة العلم والشيوخ والدعاة من جهة أخرى ما بين مؤيدين ومعارضين ورافضين لهذا الوصف، وكادت الأمور تهدأ لولا أن تجدد الجدل أخيرا بعدما قال الدكتور العريفي إن بعض الصحفيين والكتاب لا يساوون «بصاق سماحة المفتي»! هذه الحرب الجدلية الحامية التي تزداد اشتعالا ما بين التيارين الاجتماعيين الأبرزين في بلادنا، «التيار الليبرالي والتيار المحافظ» لا تليق بكلا الطرفين، ولو تخلى كلا الطرفين عن التطرف في حواره وانتهج الوسطية في الحوار «على أقل تقدير» لما وصلنا إلى مرحلة أن يشوه الدكتور العريفي مسيرته الدعوية الطويلة والمشرفة والقريبة لنفوس الشباب والشابات بوصف كذاك الوصف الذي استخدمه. حملة الشتائم المتبادلة بين التيارين لن تتوقف ما دمنا نصر على أن نظل تيارين.. ففي مجتمعنا إما أن نكون ليبراليين وإما أن نكون محافظين، من يصنفون أنفسهم على أنهم ليبراليون يصفون كل جاهل بالمحافظ، ومن يطلقون على أنفسهم محافظين «ينعتون» كل من لا يشابهونهم بالليبراليين.. وتستمر الشتائم التي لا تليق بدعاة ومثقفين لتضيع ملامح القدوة بين أكوام الشتائم! لماذا نصعد الأمور في حواراتنا ونتعدى النقاط الأساسية والأهداف الرئيسية من وراء الحوار ونتجاوزها لمرحلة توزيع الاتهامات وتبادل الشتائم وشخصنة المواضيع فننسى في خضم المعمعة أن الهدف الأساسي كان نصرة الدين «الحق» والرقي بالوطن! نحن بحاجة ماسة لأن نحترم الآخر المختلف عنا دون أن نصنفه تحت أي تصنيف ودون أن نحكم عليه أو أن نشكك في وطنيته ونزاهته ودينه وأخلاقياته ونواياه! الوسطية في الحوار والتسامح فيه هو الطريقة الصحيحة للوصول إلى حوار صحي ومؤثر، أما الحوارات التي تدار هذه الأيام بالطرق التي نشهدها لا تزيدنا إلا شقاقا للأسف! لذا من الواجب على الدعاة أن يكونوا قدوة في إدارة الحوار وأن يتمهلوا ويتسامحوا، هذا ما نأمله من دعاتنا حتى لا نخسرهم كقدوة وحتى لا يخسروا احترامنا لهم!