يعاني كثير من سكان القرى الواقعة في المناطق الشرقية من جازان شحا كبيرا في مشاريع المياه الحكومية، فكثير من القرى تغيب فيها تلك المشاريع وأخرى متواجدة من سنين إلا أنها تحولت إلى أطلال، واضطر سكان مناطق أخرى إلى هجر ديارهم بحثا عن قطرة ماء إلا أن شبح الصهاريج ظل يطاردهم، فيما ابتكر البقية إنشاء برك لتجميع مياه الأمطار التي باتت تشكل خطرا كبيرا على صحتهم. ورغم توافر موارد المياه الطبيعية بالمنطقة خاصة أنها تتميز بوجود أعداد كبيرة من الأودية وتحتضن أكبر سد في المملكة، سد وادي جازان بمحافظة العارضة، إلا أن ذلك لم يشفع لها وبقيت تصارع العطش سنوات عديدة. يكشف الشيخ خالد علي محطلم شيخ قبيلة الموانعة جانبا من المعاناة التي يتكبدها سكان قرى الجوة مع مشروع المياه الحكومي والذي أعلن عنه منذ 27 عاما ولم يتم تنفيذه إلى يومنا هذا، ورغم قرب قرى الجوة من محافظة العارضة التي لا تبعد عنها سوى مسافة ثمانية كيلومترات فقد تحولت البئر التي أنشئت من أجل المشروع والتي تم إغلاقها فيما بعد من قبل فرع المياه بجازان بغطاء حديدي «تم إنشاء البئر منذ نحو 27 عاما لكي يعقبها إنشاء برج الخزان لإيصال شبكة المياه إلى جميع القرى إلا أن ذلك لم يحدث وبقي المشروع كما هو عليه مجرد بئر، على الرغم من وجود الأرض المخصصة لبناء الخزان ولا نعلم ما الأسباب التي أدت إلى ذلك التأخير، وقد ذهبت إلى فرع المياه بجازان وأخبروني بأن المشروع ألغي وسوف يتم إنشاء مشروع آخر» وتساءل «هل سننتظر 27 عاما أخرى لكي يتم إنشاء المشروع الجديد؟ ليس هذا فحسب بل إن مشروع السقيا غائب ولم نره منذ عشر سنوات، ولا نعلم أسباب ذلك الغياب، وبعد أن تبددت أحلام عشرات القرى وآلاف السكان عمد البعض منهم من ميسوري الحال إلى حفر آبار ارتوازية، والبعض الآخر غير قادرين وظلوا معتمدين على الوايتات التي تسيطر عليها عمالة وافدة. مماطلة في التنفيذ ويتحدث الشيخ علي داود المحزري شيخ قبيلة المحازرة عن مشروع المياه الخيري التابع لمؤسسة الأمير سلطان الخيرية والذي تم تنفيذه في قرية حصامة المحازرة التابعة لمحافظة أحد المسارحة التي تبعد عنها قرابة مسافة20 كيلومترا «ابتدأ العمل في المشروع منذ نحو خمس سنوات إلا أن أحلام السكان تبددت نتيجة للتأخر في تشغيله في ظل مماطلة الشركة المنفذة للمشروع ولم يتم إنجازه إلا قبل شهر من الآن، ليس ذلك فحسب بل إن المشروع لم يتم تنفيذه بالشكل المطلوب. نقص حاد ويشير يحيى عايل، أحد سكان قرية القبر التي تبعد ستة كيلو مترات عن محافظة العارضة إلى أن قريتهم والقرى المجاورة لها ومنها عرق والرخ وأم الخرق وغيرها تتكبد العطش يوميا بسبب غياب تلك المشاريع «متعهدو السقيا لا نراهم إلا في الشهر مرة ويختفون لعدة أشهر أخرى، وقد تقدمنا بشكوى إلى فرع المياه بجازان بذلك ولكن دون جدوى أو فائدة مرجوة، وقد استمر الحال كما هو عليه». مشروع قادم ويكشف محافظ العارضة محمد بن عبدالله العزي عن مشروع ضخم ستشهده المحافظة في القريب العاجل، وهو مشروع محطة تنقية المياه والذي سيقام على ضفاف بحيرة سد وادي جازان «المشروع سيخدم جميع سكان المراكز والقرى التابعة لمحافظة العارضة». ويشير العزي إلى أن سكان القرى الجبلية سيستفيدون أيضا من المشروع، وأن القرى والمنازل التي لم يتم إيصال شبكة المشروع لها سيتم إرسال صهاريج حتى يستفيد منها الجميع. عقود ومشروعات جديدة ويعترف مدير فرع المياه بجازان المهندس حمزة قناعي بأن عقود السقيا لا تغطي كل القرى بمحافظة العارضة غير المخدومة بمشاريع حكومية إلى الآن، وقد تم طرح عدد من عقود السقيا لقرى محافظة العارضة، وهي عقد سقيا قرى العارضة وعقد سقيا القرى الجبلية وعقد سقيا قرى الحميراء، ولا تزال هذه العقود في طور الترسية. ويوضح القناعي وجود مشروع مياه جديد لقرى المحافظة «المرحلة الأولى تحت إجراءات الاستلام الابتدائي وسيتم تشغيله قريبا وسيتم تغطية قرى محافظة العارضة من المشروع الجديد في المرحلة الثانية، أما قرى المناطق الجبلية فسيتم خدمتها على عدة مراحل»، مضيفا «جميع مشاريع المياه الحكومية بمنطقة جازان تخضع لصيانة من قبل مقاول التشغيل والصيانة، وعدم تفعيل مشاريع المياه بالشكل المطلوب يخص المشاريع أو الشبكات القديمة، أما الآن فنحن نقوم بتنظيم كامل بعد الدراسة»