الجواب أيتها السائلة.. مما لا شك فيه إننا نشاركك الحيرة التي وصلت إليها، والحالة السيئة التي أصبحت تحيط بك، من كثرة الأحداث والأهوال التي انزلقت إليها قدماك، والأفعال السيئة التي هبطت إليها بفعل الشيطان والنفس والهوى وكذلك الحالة النفسية التي أصبحت تسيطر عليك. أيتها السائلة.. إن باب التوبة مفتوح لا يستطيع عبد من عباد الله أن يغلقه، إن الله يقبل توبة الكافر إذا تاب وأناب، بل إن من يتوب توبة صادقة ويندم ندما حقيقيا، فإن عفو الله قد يشمله فتتحول سيئاته إلى حسنات، ولكن عليك أن تطبقي أركان التوبة المعروفة. وأنت في معرض الندم تذكري ماذا لو كان أي فعل من هذه الأفعال هو خاتمة حياتك، والمرء يبعث على ما مات عليه. فهل كنت تحبين أن تبعثي على هذه الذنوب؟ إن الندم يعني الحزن الشديد على ما كان منك، ندم يكاد يهلك الجسد بسببه، ندم حقيقي تتساقط بسببه الدموع. إن التوبة النصوح يتقبلها الله برحمته، ويغفر الذنوب، ويقبلها من عباده، بل إذا وفقت إلى التوبة الحقيقية فاعلمي أن هذا من فضل الله عليك لأنه سبحانه هو الذي يوفق عباده إلى التوبة ويقبلها منهم. أيتها السائلة الحائرة.. أغلب الظن أنك مريضة مرضا نفسيا، وليس هذا شيئا ينكر فكما تمرض الأجساد تمرض النفوس، والدليل على ذلك سرعة تعلقك بالفتاة، ثم بالمشايخ الذين سعوا لعلاجك مما حل بك، لذلك أرى أن يتم عرضك على طبيب نفسي متدين سواء في بلدك أو في بلد آخر وليس عيبا أن يدخل الإنسان مصحة نفسية ليتعالج، والمرض النفسي يختلف عن المرض العقلي. فهناك وظائف داخل المخ تؤثر في الجانب النفسي للإنسان فإذا حدث اضطراب فإن الأطباء يعالجونه. حاولي ألا تجلسي منفردة، واتخذي من الصالحات صديقات من وسط بيتك وزميلاتك وأقاربك، وجاراتك الصالحات، فإن الصحبة الصالحة تعين على الخير، وتذكر به عند النسيان، وتمنع الإنسان إذا أراد أن يذهب إلى طريق باطل. وسارعي إلى أداء الصلاة فإنها الصلة بين العبد وربه، ولأنها تنهى عن الفحشاء والمنكر، ولأنها تذكرك دائما بالله تعالى، وأكثري من التوبة والاستغفار، وعليك أن تعيدي علاقتك الطيبة بالقرآن شيئا فشيئا، وإياك واليأس فإنه يؤدي إلى هلكة الإنسان. أيتها السائلة الحائرة.. سارعي بالتوبة من الكبائر والشركيات وسارعي بتجديد الإيمان والنطق بالشهادتين، وابتعدي عن قرناء السوء، ولا تيأسي من رحمة الله، ولا تفكري في الانتحار، فتزيدي الكبائر كبائر أخرى. عالجي نفسيتك، واحرصي على علاقتك بربك. واعلمي أن إمهال الله لك مع كل هذه العظائم، دليل كرمه، وفرصة مضيئة لتنهضي من جديد، وتغتسلي بأنوار الفرحة الحقة حين يلامس القلب رضا الرب، وقد غفر الله لبغي سقت كلبا أجهده العطش، ولقاتل التسعة وتسعين نفسا بعد أوبته ورجوعه. أحرقي ما مضى على جمر التوبة، وانظري إلى رحمة الله وكرمه وإمهاله، لتعلمي كم هو كريم حليم عظيم.. وأطيلي السجود، وتنعمي بظلال الذكر والضراعة والهدى. المجيب عبدالخالق الشريف مستشار نفسي