هناك موجة تصنيفات مستحدثة وأسماء جديدة تسري بين شباب وشابات هذه البلاد وبصورة مفاجئة تدعو للعجب، حيث نجد بعض الشباب والشابات في كل محفل وفي كل وسيلة تواصل اجتماعية على شبكة الإنترنت وقد سطروا قبل أسمائهم عدة أسماء وصنفوا أنفسهم بعدة تصنيفات مجتمعة وأحيانا متفرقة ابتداء من «كتاب مرورا بباحثين وحقوقيين ومثقفين ومدونين وأخيرا وليس آخرا بناشطين!». هذه التصنيفات التي كفلتها وسائل الإعلام الجديد لكل من يجيد التعاطي معه قد لا تصف الواقع بدقة وقد لا تستند «أحيانا» إلى حقائق ملموسة، لكنها جزء لا يتجزأ من عالم الإعلام الجديد الذي يحق لكل من يعيش على خريطته الممتدة المدى حتى اللانهاية أن يصنف نفسه كما يرى نفسه أو كما يحب أن يوصف به! أنا شخصيا لم أكن أفهم كيف يصنف البعض أنفسهم مثقفين وعلى ماذا يستندون ليمنحوا أنفسهم تصنيفا ضخما ومعقدا كهذا! فما أعرفه أن المثقفين «الحقيقيين» يخجلون من أن يصفوا أنفسهم بالمثقفين أو أن يقدموا أنفسهم بهذه الصفة المبهرجة الملامح، كما كنت أعتقد أن الحقوقيين والناشطين ذوو أصوات مناضلة وصادحة على أرض الواقع وفي العالم الحقيقي الملموس، لكن الإعلام الجديد أدى إلى تغيير الواقع فعلا.. فبعض ناشطي الإعلام الجديد أسقطوا من خلال وسائل الاتصال الاجتماعية عدة أنظمة عربية منذ بداية العام ولا يزالون يسقطون الأنظمة! لا شك أننا نملك القدرة من خلال الإعلام الجديد على أن نقدم أنفسنا للآخرين بالصورة التي نبتغي رسمها عن ذواتنا وذلك على أوسع نطاق ممكن، لكن هل نحتاج لكل هذه المصطلحات الرنانة والتصنيفات المبتذلة أحيانا لنكون مؤثرين وفاعلين وذوي آثار ملموسة؟! أعتقد أننا قادرون على أن ننسج حوارا مفيدا وأن نخلق مجتمعا مذهلا دون أن نتبهرج بالمصطلحات التي نظن أنها تمنحنا قيمة والتي نعتقد أنها تصورنا بصورة لائقة، نحن قادرون على أن نكون أعضاء فاعلين من خلال وسائل الإعلام الجديد دون أن نصبح كلنا فجأة مثقفين وباحثين وحقوقيين وناشطين!