أصدرت المحكمة المدعومة من الأممالمتحدة التي تحقق في اغتيال رئيس وزراء لبنان الأسبق رفيق الحريري، أمس، قرارا اتهاميا ومذكرات توقيف بحق أربعة أشخاص لبنانيين وقال مسؤولون إن القرار وجه اتهامه لأعضاء في جماعة حزب الله. ورحب سعد الحريري رئيس وزراء لبنان السابق زعيم المعارضة ونجل رفيق الحريري بصدور لائحة الاتهام التي طال انتظارها ووصف الحدث بأنه «لحظة تاريخية» ودعا حكومة رئيس الوزراء نجيب ميقاتي حليف حزب الله إلى التعاون مع المحكمة. ولم يكشف مدعي عام التمييز سعيد ميرزا، الذي تسلم من وفد المحكمة الدولية القرار الاتهامي ومذكرات التوقيف، أي تفاصيل عن لوائح الاتهام. لكن مسؤولين لبنانيين قالوا إن الأشخاص الأربعة الذين صدرت بحقهم مذكرات توقيف دولية من ضمنهم المسؤول البارز في حزب الله مصطفى بدر الدين، وإن الأسماء الثلاثة الأخرى هي سليم جميل عياش وحسن عيسى وأسد صبرا. ولم يكن واضحا ما المواقع التي يحتلونها في الحزب. واتهم هؤلاء الأربعة بالتورط في اغتيال الحريري. وحزب الله الذي يشكل مع حلفائه السياسيين الأغلبية في حكومة ميقاتي الجديدة ينفي أي دور له في الانفجار الضخم الذي أودى بحياة رفيق الحريري و22 آخرين. وهناك مخاوف في لبنان من أن لائحة الاتهام بحق أعضاء من حزب الله يمكن أن تثير توترات طائفية بين فصائل لا تزال تحمل إرث الحرب الأهلية التي دارت بين عامي 1975 و1990. ودعا رئيس الوزراء اللبناني نجيب ميقاتي اللبنانيين إلى تفويت الفرصة على الراغبين في دفع البلاد نحو الفتنة. وقال ميقاتي في كلمة نقلها التليفزيون بعد ساعات على صدور قرار الاتهام: «إننا اليوم أمام واقع مستجد يتطلب منا مقاربة واعية ومدركة نضع فيها مصلحة البلاد العليا وسلمنا الأهلي ووحدتنا الوطنية وحرصنا على معرفة الحقيقة فوق كل اعتبار». وأضاف «سنتعاطى بمسؤولية وواقعية مع هذا الحدث انطلاقا من أن القرارات الاتهامية أيا كان مصدرها ليست أحكاما وأن الاتهامات تحتاج إلى أدلة دامغة لا يرقى إليها الشك وبأن كل متهم بريء حتى تثبت إدانته». ويريد حزب الله الذي تعهد بعدم تسليم أي عضو من أعضائه توقف لبنان عن التعاون مع المحكمة وسحب القضاة اللبنانيين ووقف مساهمة البلاد في تمويل المحكمة. ومهما يكن، فإن بعض اللبنانيين يرون أن المحكمة الدولية فقدت مصداقيتها وأن ميقاتي يواجه تحديا. وقال القاضي يوسف سعد الله الخوري: «إذا لم يلتزم ميقاتي، فإنه سيواجه مشكلة مع المجتمع الدولي ويكون قد نكل بالاتفاق بينه وبين المحكمة، وأن مجلس الأمن تحت البند السابع من ميثاق الأممالمتحدة يخول اتخاذ تدابير استثنائية ذات بعد سياسي اقتصادي عسكري واجتماعي». ورفضت المحكمة الخاصة بلبنان التعليق وقال ميرزا الذي تسلم لوائح الاتهام إن السلطات اللبنانية لديها 30 يوما لإبلاغ المحكمة بالتدابير المتخذة تجاه مذكرات التوقيف. ويتعين على المتهم، متى صدر بحقه لائحة اتهام، أن يمثل أمام المحكمة في جلسة تمهيدية يدفع خلالها ببراءته أو يقر بالذنب. وربما يغيب المتهم شريطة أن يمثله قنصل أو يحضر الجلسة التمهيدية عبر وصلة تليفزيونية. غير أن حزب الله يحذر من أنه «سيقطع يد» أي شخص يتحرك ضد أعضائه. وهذا يعني أن اعتقال أي من أعضاء الحزب إذا وجهت له اتهامات أمر غير مرجح. وأثار القرار الظني أزمة سياسية أدت إلى الإطاحة بحكومة الوحدة الوطنية برئاسة سعد الحريري، يناير الماضي، عندما استقال حزب الله وحلفاؤه احتجاجا على رفضه التخلي عن المحكمة قبل أيام فقط من تقديم لائحة الاتهام التي بقيت سرية إلى قاضي مرحلة ما قبل المحاكمة.