في البداية استغربت فكرة الكتاب لكني وجدتها فيما بعد طبيعية جدا، فرجل عجوز يعيش وحده مع زوجته بعد فقد ابنه في الحرب وهجرة الابن الآخر، ومن الطبيعي جدا أن يصنع لنفسه عالما جميلا يعيش فيه، عالما كل عناصره شجرة التمر حنة والليمون والياسمينة والقطة والضفدع.. محمد عفيفي أبدع في الوصف والتأمل في الطبيعة الخلابة التي لا ننتبه إليها في زحمة الحياة. أحمد فتح الباب إن الكتاب يغرق قارئه الصادق في بحر من الامتنان للكاتب الراحل الفنان الذي أذاب روحه في قطرات من النور والإنسانية والصدق بللت جبين حياتنا المتعب. قوانين العالم كله، حقائقه وصراعاته موجودة في ذلك العالم الصغير. وفي تناول إنسان شفاف تحول اللامعقول إلى معقول وتحولت أحزان الوحدة، والفقد، والموت الزاحف إلى ترانيم عذبة، حزينة ساخرة فياضة بالوجد والرغبة في الانتماء للانهاية الوجود. لم أجد قط أفضل من هذه الكلمات التي قالها الكاتب الكبير علاء الديب، والموجودة في كتابه عصير الكتب. رأيتها تصف حالة الكتاب العبقري بدقة، كتاب تحتاج إليه لتحلق عاليا في سماء المثالية. لكم كان مرهفا ورقيقا محمد عفيفي، رحمه الله. رواية تحفر لنفسها مكانا في جدران الذاكرة. Hazem الترانيم كانت في غاية الروعة والسلاسة والجمال، كانت نافذة على الطبيعة والعمر الذي ولى ولم يترك للزوجين العجوزين سوى حفنة من الذكريات الجميلة والتوافق لمحاربة الألم الذي استوطن بيتهم بعد أن أعلن ابنهم البكر مفقودا في الحرب. كم أحببت موني وليفا ورينا وزهيرة وتمارا وتعاطفت مع فيدو وكرسي القش الأصفر.. وصدمت حين اكتشفت أنها انتهت وأن النصف الآخر من الكتاب يحمل قصصا قصيرة لمحمد عفيفي. أتفق مع الدكتور علي الراعي في أن «ترانيم في ظل تمارا» كانت ختاما رائعا أنهى به محمد عفيفي حياته وكتاباته. النصف الآخر من الكتاب كان يحوي بعض القصص الرائعة القصيرة.. وإن لم تكن بقوة الترانيم وروعتها وعذوبتها. Tasneem Fehead هي ترانيم رقيقة بها عذوبة وفكاهة، تدعو إلى التفكر في عظمة الخالق عز وجل في مخلوقاته من إنسان وحيوان ونبات يترنم بها رجل في سن التقاعد يجلس يوميا في حديقة منزله يرقب ويتأمل ما حوله على كرسي من القش في ظل شجرته المحبوبة تمارا - شجرة تمر حنة. هي آخر ما كتبه محمد عفيفي قبل رحيله عن عالمنا وكأنه يودع الأرض وما عليها من مخلوقات قبل الرحيل إلى العالم الآخر فأبدع وكانت مسك الختام حقا. Haytham