أصابتني حالة نفسية.. فمرة كنت أصلي وشعرت بأطرافي تفقد كل الإحساس كأنها مشلولة، فيدي كلها وحتى لساني صار نصفه ميتا، ولا أستطيع أن أنطق، وأذني لا أسمع بها. وهذا أفزعني وأحسست أني سأموت، وبعد ثوان رجعت لحالتي الطبيعية لكن أصبحت أرتجف وقلبي يخفق. وكنت أتعاطى أدوية سببت لي رجفة وخفقانا وعطشا، وأصبح الخوف من الموت أثقل من ذي قبل.. أفكر أن النهاية قد قربت، وأن الحياة قصيرة ومأساوية.. فكلي خوف وتفكير حتى إني صرت أخاف الوحدة، وأخاف أن أسلم على أحد يده لا تضغط على يدي؛ فأحس كأني أسلم على ميت، وأي ذكر لشخص ميت أفكر فيه كثيرا، ونفسيتي تتعب، وأي جرح أو ألم يذكرني بالنهاية.. علما أن زوجي يرفض ذهابي لطبيب نفساني، فأنا قبل ثلاثة أشهر تقريبا كنت مرحة جدا كما هي طبيعتي، ولا يهمني تعب أو خوف لكن الأحوال تغيرت. ذكرت أنه أصابتك حالة نفسية، ويبدو -مما ذكرت- أنك تعانين من حالة قلق حاد من فكرة المرض والموت، وبمجرد التفكير بهذين الأمرين ينتابك ما ينتابك من عوارض وخوف وتتعب نفسيتك. عزيزتي، هل الحياة مؤلمة لأننا سنموت أو نمرض؟ أم أن هنالك أمرا آخر يؤلم؟ هل علمت عن أحد -منذ الخليقة إلى أن تقوم الساعة- لم ولن يمرض أو يموت؟! فلماذا تخافين من الموت إلى هذا الحد؟ هل تخافين لقاء الله؟ أم أن المعاصي كثيرة تخافين الحساب؟ أعتذر لهذه الأسئلة، المباشرة والقاسية، إلا أن الإجابة عنها تساعدك في تحديد المسار الذي يجب أن تسلكيه لتواجهي مخاوفك. ابنتي العزيزة.. بدل التفكير بأنك ستموتين وتفاعل الخوف داخلك من هذه الفكرة، أرجو أن تحولي السؤال من «هل هذه هي النهاية، هل سأموت؟» إلى: «هل أنا حاضرة لملاقاة ربي؟، هل أنا أعمل ما علي لإيجاد الحجة والتبرير للتكفير عن السيئات؟». وبناء عليه، حددي الخطوات التي تساعدك على التقرب بها من الله والتكفير عن أية زلات أو معاص قد وقعت بها. الخلاص من القلق أو الخوف، ليس له إلا مخرج واحد، وهو مواجهة ما يخيف وعدم التركيز على العوارض الجسدية التي نشعر بها نتيجة المخاوف، لأن مجرد التفكير بالأفكار السلبية يساهم في سيطرتها وتضخيمها، وبالتالي يصبح من الصعوبة بمكان السيطرة عليها، ولهذا تدخلين في متاهة التعب النفسي والإرهاق. بالمطلق، لا تجادلي ولا تحادثي ولا تبرري، ولا حتى تحاولي تفحص الفكرة لتتأكدي من صحتها.. بل تجاهليها تماما، وحاولي قدر المستطاع استبدالها بفكرة أخرى إيجابية، كالتي ذكرت لك سابقا. لهذا، بدل الخوف أو القلق من المرض علينا الوقاية من المرض، بالغذاء الصحيح والنوم السليم، والرياضة اللائقة.. وأما الموت، فعلينا تحضير أنفسنا لملاقاة الله، لأنه لا مناص من الموت، لو جمعت خوف البشر جميعهم لتفادي الموت أو تأخير الساعة، فلن تفلحي. جميعنا سيفنى لا محالة، والمفلح منا من يعمل الخير كل الخير، والقيام بما يقدر من التعاليم الشرعية من صلاة وصوم وقراءة قرآن، وصدقة واستغفار للتكفير وللتحضير، وإن شاء الله يحسن الله خاتمتنا جميعا. عزيزتي السؤال أولا وأخيرا ليس: «هل هذه هي النهاية؟»، أبدا السؤال الصحيح، هو: «هل أنا مستعدة للموت؟، لملاقاة الله؟». ضعي خطة، وازني كل الأفعال والأعمال التي ترغبين في مزاولتها، لعمل توازن ما بين العيش على وجه البسيطة، وبين التحضير للآخرة التي لا بد من أنها آتية في موعد لا يعلمه إلا الله وحده سبحانه وتعالى. المجيبة: عبلة بساط جمعة