في الأسبوع الماضي من الله تعالى علي بزيارة إلى تلك الأرض المباركة التي شرفها الله بحبيبه وخليله المصطفى الحبيب. تلك الأرض التي أحمل لها في داخلي الحب والشوق الكثير، مضت تلك الأيام سريعة بعدما أثلجت سمعي وبصري بروحانية لا تستطيع وصفها الكلمات. هذا، وقد عج الحرم النبوي الشريف بزائرين وزائرات من مختلف العالم والقارات. من تركيا وإيران، والهند وباكستان، وإندونيسيا وماليزيا، وقلة من مصر وبلاد الشام. وبينما لساني يلهج بذكر الله راحت عيناي تتجولان ما بين العربيات والعجميات على حد سواء، رحت أتأمل المعتمرات من دولتي إندونيسيا وماليزيا، وعلى الرغم من صعوبة التفريق بينهن إلا أنني لاحظت أنه يجمعهن شيء واحد وهو الاحتشام في اللباس. فقد لفت نظري أنه على الرغم من أن لباسهن كان قمة في الاحتشام إلا أنهن كن يحملن معهن قطعتين أخريين ويلبسنهما على ذلك اللباس المحتشم بمجرد دخولهن المسجد النبوي. والحقيقة لم أكن لأعلم إذا كان ذلك عرفا بينهم أم أنه تقدير للمكان وللركن الثاني من أركان الإسلام، عادت عيناي تتأملان مزيدا من المعتمرات على اختلاف ألوانهن ولغاتهن - التي عجبت للباعة وللعاملات السعوديات في الحرم الشريف كيف استطعن تعلمها بهذه السهولة- وإذا بي هذه المرة تقع عيني على تلك الزائرة التي أحسبها من بلاد تركيا أو إيران، فقد عرفتها من ذلك الخمار الكبير ذي القطعة الواحدة، وهو يلتف حولها فلا يزيدها إلا احتشاما ووقارا، ورغم ذلك إلا أنها تبدله بآخر لأداء الصلاة به حينها راودني سؤال ملح يا ترى ما هو مفهوم الاحتشام لهؤلاء المعتمرات؟ وما وجه الشبه بين هذا المفهوم من وجهة نظر هؤلاء السيدات الموقرات وقناة الجزيرة الإخبارية؟ وهل مبدأ الاحتشام الذي تؤمن به قناة الجزيرة يتوافق مع سياسة التحيز والتحريض والتهويل التي تتبعها القناة كوسيلة للانتشار؟ ولماذا تزامنت هذه الاستقالات بسبب الاحتشام – السبب الظاهر- مع الثورات الشعبية في المنطقة العربية؟ سرحت في كومة من الأسئلة التي راودت مخيلتي، لكني أفقت سريعا على فتح باب الزيارة فهربت من تلك الأفكار إلى الروضة الشريفة.