استقبلت إيرلندا، أمس، بالترحاب الرئيس الأمريكي باراك أوباما الذي اختار أن يبدأ جولة أوروبية تستمر أسبوعا بزيارة أرض أجداده. وقال أوباما الذي استقبلته رياح عاتية لحظة ترجله من الطائرة الرئاسية برفقة زوجته ميشيل «إنه لفرح عظيم أن يكون المرء هنا». واستمرت زيارة الرئيس الأمريكي إلى إيرلندا 24 ساعة في مستهل جولة تقوده إلى إنجلترا وفرنسا وبولندا وتستغرق ستة أيام. واتخذت طابعا شخصيا عندما قصد خلالها بلدة مونيجال مسقط رأس الجد الأكبر لأمه، على بعد 130 كلم من العاصمة دبلن. واقتصرت الدعوات لحضور الزيارة التاريخية التي تميزت بإجراءات أمنية مشددة، على 350 شخصا هم سكان البلدة والمزارع المحيطة بها. تباحث أوباما فور وصوله مع رئيسة إيرلندا ماري ماكاليس ثم مع رئيس الوزراء أندا كيني الذي تحاول بلاده تجاوز أزمة اقتصادية خطيرة. وقال الرئيس الأمريكي إنها «مسيرة شاقة، لكن الشعب الإيرلندي قادر على بلوغ نهايتها»، مشيرا إلى التقدم الذي أحرزته البلاد. وفرضت السلطات الإيرلندية إجراءات أمنية مشددة لمواكبة هذه الزيارة الحدث، لا سيما أنها تأتي بعد مقتل زعيم تنظيم القاعدة أسامة بن لادن في غارة شنتها وحدة كوماندوس أمريكية على مخبئه قرب العاصمة الباكستانية إسلام أباد، مطلع مايو الجاري. كما أنها تأتي بعد يومين على اعتداء وقع في إيرلندا الشمالية، المنطقة الخاضعة للسيادة البريطانية، ولم يسفر عن ضحايا. وتعرض أوباما إلى موقف حرج بسبب سيارته الملقبة ب«الوحش» عندما تعطلت على طريق منحدر في دبلن. واضطر أوباما وزوجته وهما في طريقهما من السفارة الأمريكية إلى بلدة مونيجبال مسقط رأس أجداده لأمه، لترك السيارة أمام حشد من الأشخاص كانوا يلوحون لهما. والسيارة صنعت خصيصا لأوباما وهي مزودة بأبواب مصفحة مضادة للقنابل ونظام يوفر الأوكسجين في حال التعرض لهجوم كيماوي. ومع أن 60 عنصرا تقريبا من القوات الأمريكية الخاصة ينتشرون في البلدة منذ أسبوع، إلا أن ذلك لم يؤثر على فرحة السكان. وتضم البلدة ما تبقى من منزل فالموث كيرني الجد الأكبر لأم أوباما الذي أقام هناك حتى سن ال19 قبل أن يهاجر إلى أمريكا عام 1850 هربا من المجاعة التي كانت تعاني منها البلاد. وللترحيب بعودة الرئيس إلى أرض أجداده، بثت الإذاعة الإيرلندية أغنية شائعة ألفتها مجموعة محلية. ووقف سكان القرية في طوابير لمدة ست ساعات لشراء تذاكر للقاء أوباما. وأقيمت منطقة أمنية حول القرية ولم يسمح إلا لحملة التذاكر بدخولها. وتحدى عشرات آلاف الرياح القوية والأمطار الغزيرة لسماع خطاب أوباما في وسط دبلن حيث أقيمت متاريس امتدت لعدة أميال في العاصمة وجاب الآلاف من رجال الشرطة شوارعها. وتعين على الحضور المرور عبر أجهزة تفتيش على غرار الموجودة في المطارات. وتحدث أوباما من خلف زجاج مضاد للرصاص. وتطرق إلى الهجرة، الموضوع الأحب إلى قلوب الإيرلنديين إذ إن قرابة ال34 مليون أمريكي ينحدرون من جذور إيرلندية، وفي مقدمتهم الرئيس نفسه. وتهدف زيارة أوباما أيضا إلى طمأنة القارة العجوز، التي تشعر بأن واشنطن أهملتها بعض الشيء. واليوم، سيزور أوباما لندن حيث ستستقبله الملكة إليزابيث الثانية في بريطانيا المتمسكة جدا ب«العلاقة الخاصة» التي تقيمها تاريخيا مع أمريكا. ثم يحضر قمة مجموعة الثماني قبل أن يختتم الجولة في بولندا، حيث يجتمع مع قادة دول شرق أوروبا .