يحكى أن أناسا كانوا يسافرون بالجمال، ومشيا على الأقدام، يحملون آمالا نحو أماكن تستقبلهم، أو بضائع قوافل يسرون بها، يخرجون للحج قبل ثلاثة أو ستة أشهر، وأهلهم يرفعون أكف الدعاء لهم بالسلامة. بالأمس سمعت الحكاية ذاتها لأحفادهم، فاختلفت قليلا، العناء ذاته، استبدل الأحفاد الجمال والبغال بقوائم انتظار المطارات، واستبدلوا طول مدة السفر، بطول البحث عن رحلة، اختلفت الحكاية، على الأقل.. الأجداد يصلون لوجهتهم! * درست في الجغرافيا، أن بلادي يحدها شمالا الكويت والعراق والأردن وسورية، واليمن وعمان جنوبا، والبحرين وقطر والإمارات شرقا، سحقا.. اكتشفت متأخرا أن بلادي فيما يحدها، لاتجد حقها من طيرانها وقطارها و «باصها» * في كل إجازة أو نهاية أسبوع، يكتفي العديد بالانكفاء في مدنهم الكبرى، فلا وجود لصلة رحم خارج المدينة، يتحمل وزر القطيعة.. طيران يشتكي الداخل، لا يعترف بصلة رحم، تواصل ذوي القربى، يزورهم حد الكفاف، ما يجنبه لوما كبيرا، متناسيا أن جدول رحلاته، لا يسقي ولا يقي من جوع! * تزعجني جدا إعلانات السياحة الداخلية، والخميس والجمعة، وأنا المحروم وصلا من سفر، فلا الوقت يلائم ولا مقعدا أجد! تزاحم أهل الطائف وأبها، وسكان قراهم على مقاعد معدودات، فاظفر بذات السياحي إن استطعت! * قيل لأعرابي صاحب بعير إن تعامل غلمانه مع الناس سيئ، فلا احترام ولا ذوق، والركوب بالواسطات، قليلة أعداد البعير، وهرمة كبيرة عمر، رحلاتها معدودة، ليجيب: قاتل الله الكسل، سنجلد كل غلام تطاول أو قصر، ولكن.. سعر العلف مرتفع، وخسارتنا من رحلات البعير المحلية كبيرة!! *قديما كانت رحلات الشتاء والصيف من علامات التجارة والسفر، ينتظرها الجميع، وكل من يستطيع أو يرغب في السفر، على الأقل.. مواعيدها مضبوطة ومعلومة، وحجز مؤكد! * مع كل رحلة، نأخذ رقاع حجوزاتنا ونرتجي أن تكون البعير بخير وفي وقتها، وقبلها.. أن نجد متسعا لنركب! * أن تمنح أمر إركاب لبعير داخلي أو خارجي هو ذل عليك تحمله من أصحاب البعير، وكأنهم يعاقبونك لعدم الدفع بالدرهم والدينار، فعليك مراجعة خيمتهم لتزويدك برقعة جلدية عليها تصديقهم ومباركتهم وموافقتهم بأن تكون معهم! ليعتزوا بخدمتك ب «قريح»! *مداد: قال الله تعالى: «وأيوب إذ نادى ربه أني مسني الضر وأنت أرحم الراحمين» [الأنبياء: 83].