انتهج بعض القائمين على الأعمال التطوعية بمدينة جدة أسلوبا مغايرا أكثر حيوية لاستقطاب أكبر عدد من الشباب المتطوعين، ضمن فعاليات التطوع التي تقام على مدار العام. واستحدثت دائرة الفرق الشبابية بالندوة العالمية للشباب الإسلامي فكرة تكريم المتطوعين من خلال ملتقى ترفيهي يعقد سنويا يجمع الفرق المشاركة في أحد المتنزهات الترفيهية الكائنة بمنطقة أبحر الشمالية، وذلك خلال فعاليات استمرت ثلاثة أيام متواصلة، تخللها العديد من المناشط الترفيهية والدورات والمحاضرات العلمية. واستطاع ملتقى «متعة العطاء» في نسخته الثالثة أن يجمع بين طياته 22 فرقة تطوعية بمشاركة أكثر من 200 شاب ليشاركوا في الفعاليات التي تساهم بشكل مباشر في صقل مواهب الشباب في العديد من المجالات التثقيفية والاجتماعية والخدمية. كما يطمح القائمون أن يخرجوا بمبادرات شبابية تخدم المجتمع المدني بالتعاون مع الجهات والمؤسسات الرسمية. وقدم ملتقى «متعة العطاء الثالث» الذي أقيم في منتجع الشاطئ الماسي بمنطقة أبحر لثلاثة أيام متوالية، دورات تثقيفية وورش عمل متنوعة في كيفية الاستفادة من المواهب الشبابية والاستفادة منها في تنمية المجتمع، إضافة إلى اكتساب العديد من الخبرات في مجالات التطوع المتنوعة التي قدمها مجموعة من المدربين المختصين في هذه الفنون، من أجل الحصول على قيادات للعمل التطوعي، وتوعيتهم بأهمية دور العمل التطوعي ونشر هذه الثقافة بين أبناء المجتمع. ويعد ملتقى «متعة العطاء» أحد البرامج الشبابية التابعة للندوة العالمية للشباب الإسلامي، التي تهتم بفئة الشباب من سن 18 حتى 25 عاما، وتقدم لهم العديد من البرامج التدريبية واللقاءات التثقيفية وورش العمل والأنشطة الاجتماعية والرياضية، كما يهدف إلى التنسيق والتكامل بين الفرق المشاركة للخروج بمبادرات ومشاريع إيجابية لتساهم في خدمة المجتمع، وتبني الأعمال التطوعية، حيث شارك في الفعاليات ثمانية محاضرين تطرقوا في محاضراتهم إلى التطوع ودور الشباب في العمل الاجتماعي وتأثيرهم، إضافة إلى العديد من الدورات التي قدمت في مجالات العلاقات العامة والإعلام وإدارة الأزمات والكوارث والمسؤولية الاجتماعية. تنسيق وتكامل كما يهدف ملتقى «متعة العطاء» إلى التنسيق والتكامل بين الفرق الشبابية التطوعية، وتأهيل وتدريب الشباب على مهارات العمل التطوعي، إضافة لزيادة الترابط بين الفرق الشبابية العاملة وأعضائها، ونشر ثقافة العمل التطوعي وترسيخ مفهومه، كما استطاع المتطوعون القيام بنحو ثماني مبادرات كانت عبارة عن زيارات ميدانية لثماني جمعيات تطوعية وهي جمعية كفى، المستودع الخيري، جمعية زمزم، جمعية كافل، جمعية البر والإحسان، جمعية أصدقاء الحدائق، وأخيرا المكتب التعاوني لدعوة الجاليات. وأوضح المشرف العام على الملتقى مصطفى خرد أن: «هدفنا من هذه الشراكة أن يتعرف الشباب على هذه الجمعيات، وينفذوا مشروعا تطوعيا بالتنسيق مع كل جمعية، حيث تعاون الشباب مع جمعية كفى بحملة في المحال للتوعية بأضرار التدخين ومع المستودع الخيري بتوزيع سلال غذائية على الأسر الفقيرة، ومع جمعية الإحسان بزيارة أربطة وعمل برنامج للمسنين، ومع جمعية البر بزيارة دار الأيتام وعمل برنامج ترفيهي لهم، كما زار المتطوعون جمعية أصدقاء الحدائق بتشجير وتنظيف حديقتي فيصل وأميرة بحي القريات». الأكثر تنظيما واستضاف الملتقى العديد من الأكاديميين الذي قدموا المحاضرات والدورات لشباب الملتقى، حيث استضاف الملتقى كلا من رجل الأعمال الدكتور وليد فتيحي، وعضو مجلس الشورى الدكتور نجيب الزامل، والدكتور مسفر القحطاني، والدكتور علي أبوالحسن، والسيد محمد السقاف، والدكتور محمد العريفي، فيما تنوعت الدورات فشملت دورة الإعلام الجديد، والمسؤولية الاجتماعية، والعلاقات العامة، وأخيرا دورة متخصصة في إدارة الأزمات والكوارث. وأشار عضو مجلس الشورى الدكتور نجيب الزامل إلى أن: «الصحافة الأجنبية دائما تترصد السعودية في جميع حالاتها، فهي تعتبرها مادة دسمة للفضائح، إلا أن الشباب بشكل عام والمتطوعين بشكل خاص أثبتوا لهم غير ذلك، فبعد أحداث سيول جدة الأخيرة تغيرت نظرتهم قليلا حتى كتبوا في صحفهم أن الشباب السعودي الأكثر تنظيما على مستوى العالم». وأكد الدكتور مسفر القحطاني أن كثيرا من الأعمال التطوعية لا تحتاج إلى دعم مادي كبير: «بعض الأعمال التطوعية لا تحتاج إلى ريال واحد حتى تنجز، إنما تحتاج إلى أفكار الشباب وجهودهم فقط، فهي ليست بحاجة إلى التحرك بميزانيات كبيرة». شراكات تطوعية الجديد في الملتقى تفعيل الشراكات بين الفرق التطوعية ومؤسسات المجتمع المدني، حيث جاءت هذه الشراكة لإيمان القائمين بأهميتها في العمل التطوعي ودورها في نجاحه وتحقيقها للتعاون والتكامل، بحسب المشرف العام: «كما أن هذه الشراكة هدف من أهدافنا الاستراتيجية في الفرق الشبابية، وسبق أن نفذنا مشاريع تطوعية كثيرة بالشراكة مع الجمعيات الخيرية، وآخرها تنظيم ماراثون موبايلي مع جمعية البر، كما كشف مشرف الفرق الشبابية عن تدشين جائزة الفرق الشبابية للتطوع، وتكريم الفريق الفائز وشخصية التطوع لهذا العام، ونحن نعد من الآن لهذا الحدث». كما يسعى القائمون إلى تحفيز وتدريب وتأهيل الشباب وبناء شبكة علاقات بين الشباب، وهذا الملتقى هو أحد هذه الأنشطة التي يسعون من خلاله إلى تحقيق هذه الاستراتيجيات بحيث يجمع بين نشر ثقافة التطوع والعطاء من خلال المحاضرات وتدريب الشباب وتأهيلهم من خلال الدورات، وكذلك تحفيز الشباب وتكريمهم في الملتقى وتعارفهم وتبادل تجارب الفرق الموجودة والملتقى بشكل عام يعطي جرعة تحفيزية للشباب للعمل والتطوع طوال العام. حاجة ماسة من جانب آخر، أكد مدير «متعة العطاء» المهندس معاذ بادحدح أن الملتقى في نسخته الثالثة جاء في وقت أشد ما تكون هذه الفرق التطوعية في حاجته، مشيرا إلى أن بعض الفرق تفتقد فنون التعامل مع الحملات والأعمال الخيرية التي يقومون بها: «هذا الملتقى غرس فيهم جوانب كثيرة تساعدهم في تطوير أعمالهم الشبابية، إضافة إلى توجيه الاجتهادات التي تصدر من بعض المتحمسين للعمل التطوعي، كما أن الترتيبات للملتقى بدأت قبل ثلاثة أشهر من بدء الملتقى، ومن خلال الإنجازات وردود أفعال المشاركين وجدنا أنه حقق نجاحا رائعا، خصوصا أن المشاركين استفادوا كثيرا من بعض ضيوف الملتقى الذين قدموا تجاربهم على طبق من ذهب في مسيرة العمل التطوعي». وأشار معاذ إلى أن أبرز ما يميز الملتقى لهذا العام تنوع المشاركين فيه، حيث شاركت فرق شبابية من مناطق مختلفة من المملكة إضافة إلى مشاركة فرقة شبابية من دولة اليمن، ودولة الإمارات، موضحا أن هذا دليل صريح على انتشار ثقافة العمل التطوعي: «عدد المشاركين فاق 200 مشارك، والملتقى خرج بثماني مبادرات تطوعية نفذها المشاركون خلال أربع ساعات فقط، وبأقل تكلفة مادية، حيث أردنا من خلال هذه المبادرات أن نوصل فكرة التطوع لجميع فئات المجتمع وتبيان أن التطوع لا يحتاج إلى وقت كبير وأموال طائلة، إنما يحتاج إلى عزيمة صادقة، فهي أفكار بسيطة ولكنها تؤتي أكلها. تبادل خبرات من جانب آخر أبدى بعض الشباب المتطوعين رضاهم التام عن مثل هذه الملتقيات التي تزرع فيهم حب العمل التطوعي ورفع المعنويات ومواصلة الجهود لتغطية جميع جوانب الحياة. وأكد الشاب منصور الحبشي أن ملتقى الشباب أضاف إليه العديد من المزايا التي كان يتمناها يوما ما: «حقق لي الملتقى ميزة تبادل الخبرات مع المجموعات المشاركة الأخرى، فتنوع المشاركين في الملتقى جعلني أقتنص كل ما هو جيد عند أي مجموعة، إضافة إلى أن الملتقى ساهم بشكل كبير في تطوير مهاراتي كما أن مهارة الإلقاء التي أتقنتها في هذا المكان كانت إضافة جيدة بالنسبة إلي، وأشكر القائمين على الملتقى الذين وفروا لنا مثل هذه اللقاءات وأضافت إلينا مزيدا من الخبرات». فيما أوضح ماجد العسكري أنه كان من الشباب المتحمسين للمشاركة في هذا الملتقى، كونه أحد المشاركين في ملتقى العام الماضي لما وجد فيه من فائدة ومتعة حقيقية: «أبرز ما ميز هذا الملتقى إطلاق المبادرة التطوعية التي جعلت جميع الفرق تتنافس فيما بينها لتقدم مشروعها التطوعي بأفضل وجه ممكن، وهذا الملتقى إضافة حقيقية لكل مشارك فيه». واعتبر أحد الشباب أن هذا الملتقى كسر عنده حواجز كثيرة كانت تعرقله في حياته العامة. وبين عمر مطبقاني، عضو فرقة ماريز الفنية: «تواجدي داخل الملتقى كسر لي حواجز كثيرة وجعلني اجتماعيا أكثر من ذي قبل، فاستطعت أن أحتك بمجموعة كبيرة من الشباب المشاركين الذين قدموا لي تجاربهم في مجال العمل التطوعي، إضافة إلى أنني استفدت كثيرا من الدورات واللقاءات الثقافية التي قلما نجد مثيلا لها، كما أن الدورات التدريبية جعلتني قادرا على صقل موهبتي الفنية التي أحتاج فيها إلى إقامة علاقات واسعة مع شبكة من المحيطين، وهذه الملتقيات تجمعني بالعديد من المنشدين والملحنين والشعراء أيضا، ما يسهل عملية التواصل وتنفيذ بعض الأعمال». فرقة وموهبة كما أكد الشاب أسامة قاضي ضرورة وجود الشباب داخل هذه الملتقيات التي تضيف لكل شاب أنواعا عديدة من المواهب، ومن تلك المواهب التي أضافها الملتقى في العلاقات الاجتماعية، وتطوير القدرات والتنمية والتدريب، إضافة إلى التحفيز والتشجيع على ممارسة العمل التطوعي بطرق إبداعية، ونشر هذه الثقافة بين أبناء المجتمع. واعتبر قاضي أن مشاركة 22 فرقة تطوعية ستضيف لكل شاب 22 خبرة عملية، حيث إن كل فرقة متخصصة في مجال عمل يختلف نوعا ما عن الفرق الأخرى: «بعض الشباب كانوا متخوفين قبل المشاركة في فعاليات الملتقى خلال احتكاكهم المباشر بشريحة كبيرة من المجموعات المختلفة الذين حضروا من مدن مختلفة، إلا أنهم وجدوا أنفسهم بين شباب يحملون نفس الروح والحماس الذي يحملونه، ما جعلهم يخلقون أجواء اجتماعية أشعرتهم بالاستقرار أكثر» .