يقودنا التأمل في بعض تصرفاتنا أحيانا إلى التعجب مما نصنع، وتلمس الغرابة في سلوكياتنا غير المبررة، فكلنا بلا استثناء سبق أن شاهدنا برنامجا أنهك فيه المدرب نفسه كي يشرح لنا أبسط أبجديات تنمية الذات، وكلنا قرأنا وسمعنا بل وعايشنا مواقف علمتنا أهمية الحفاظ على الوقت وحسن استغلاله، وأكثرنا رغم ذلك لا ينكر زهده عن الإنصات لمعلومة «راديوية» تمر على مسامعه، أو عدم تورعه عن «تمطيط» المدة ما بين فتح العينين إلى قصد دورة المياه – أكرمكم الله – في العملية الشاقة التي تدعى ب«الاستيقاظ»! ذلك التناقض الذي نعايش جزءا من ضعفنا الإنساني، ذلك الضعف الذي يجرنا نحو الخطأ المسبب للندم، كي يعود فيرقى بنا إلى مرحلة التصحيح أو الجبر، فعلى الرغم من سوء الخطأ أو النقص، يبقى هو اللبنة لاستشعار النقص والسعي نحو تقويمه، فدونه لن تكون للنجاح متعة، ولا للتوبة لذة، ولا دافع للحراك نحو الأمام. ذلك الشعور أو التلمس للضعف ينقص الكثير ممن نراهم يستحسنون «الترفيع» لأنفسهم، فلا تكاد تبدي إعجابك ب«مثقال ذرة» قام بها حتى يسرد لك «القباب» التي شيّد، وما ليده الطولى ونعمه العظمى من أثر، حتى لا تحدثك نفسك إلا ب«ويحبون أن يحمدوا بما لم يفعلوا»! شفافيتنا في الاعتراف بضعفنا وتقصيرنا لا تنقص شيئا من قدرنا، بل قد تكسبه أحيانا بعضا من التفرد والغرابة، «أينشتاين» صاحب النظريتين النسبيتين الفيزيائيتين الشهيرتين لم يحاول إخفاء حقيقة رسوبه في مادة الرياضيات كما هو معروف، أو إنكار تأخره في النطق وما عانى من صعوبات في الاستيعاب في صغره. كلنا يملك جانب النقص ذلك على اختلاف صورة تشكله، فالكمال لله وحده، والعصمة من الزلل لأنبيائه، والضعف في الإنسان ومنه لا محالة «الله الذي خلقكم من ضعف ثم جعل من بعض ضعف قوة ثم جعل من بعد قوة ضعفا وشيبة...» ولله حكمة.