غارة جديدة على الضاحية الجنوبية لبيروت    إعلان ولاية فلوريدا الأمريكية حالة الطوارئ تحسبًا للعاصفة "ميلتون"    د. ال هيازع : خادم الحرمين قائد فريد في حكمته وعطائه ورؤيته الثاقبة    بدء تطبيق المقابلات المالية للخدمات الجمركية    يوم المعلم    الطقس: الفرصة ماتزال مهيأة لهطول أمطار رعدية على 4 مناطق    جمعية التنمية الأسرية ببريدة تطلق مبادرة ( سنة أولى زواج )    التوسع في زراعة بدون تربة    جمعية التنمية الاجتماعية الأهلية في عوالي المدينة المنورة تقيم برنامج "خباز البريوش والباريستا"        ولي العهد يهنئ السلطان حسن البلقيه    الجدعان: نواجه تحدي التخفيف من الاعتماد على النفط    خطوات متسارعة لتحقيق مستهدفات رؤية المستقبل    ذكرى البيعة    لمدة 5 أيام.. التعليم تحتفي باليوم العالمي للمعلم    22094 مخالفاً ضبطوا في 7 أيام    القضاء في العهد الزاهر.. استقلال ومؤسسية وعدالة ناجزة    تبوك: عروض جوية بمناسبة اليوم الوطني    السعودية.. دعم سخي لإنقاذ اليمن    جامعة الطائف تقيم معرض «اسأل صيدلي»    احموا أطفالكم.. لا تعطوهم الجوال    5 معادن «تُحصّن» جسمك من عدوى الفايروسات    مركز الملك سلمان يكثف مساعداته الإغاثية.. المملكة تواصل جهودها الإنسانية الرائدة في العالم    جهود مكثفة    ميتا تنتج مقاطع مصورة واقعية ب«الذكاء»    أكبر الفعاليات العالمية في قطاع النقل الجوي .. المملكة تشارك في معرض ومؤتمر "روتس وورلد 2024"    ضمن تصفيات مونديال 2026.. الأخضر يبدأ الاستعداد لمواجهتي اليابان والبحرين    بحث مع الوزير الفرنسي المستجدات .. وزير الخارجية ونظيره المصري يؤكدان التضامن مع الشعب اللبناني    خط دفاع من الاندثار والفناء.. مهتمون وناشرون: معارض الكتاب تحافظ على ديمومة «الورقي»    محبو العلوم    حضور غفير لمسابقة "مثايل".. إبداعات شعرية على مسرح معرض الرياض    الاختراق    دورة الألعاب السعودية والآمال    من الراحة إلى الأمان    " النقل" تعتمد شرؤوط تأهيل مراكز التدريب والاختبار للسائقين    امرأة تعطس لمدة أسبوعين بلا توقف    طريقة عمل سلطة الأفوكادو بالطماطم    سياسيون مصريون ل«عكاظ»: السعودية قوة سياسية إقليمية وعالمية    تحولات نوعية.. نمو مستدام.. البطالة لأدنى مستوى تاريخي    خالد العيسى: من الصعب الفوز على 12 لاعب من الهلال    «صُنّاع الحداثة والتنوير والتنمية».. إصدار جديد للدكتور عبدالله المدني    فلاتة يخطف ذهبية المصارعة    حفل لندن.. باهر ولكن !    سباق الملواح..    جدول ترتيب الدوري السعودي بعد فوز الهلال على الأهلي    ما هي الرجولة؟ وكيف نعرف المرجلة؟    نصر جديد مع بيولي    الشركات العالمية.. تتجاوز المستهدف    سعود بن نايف: الملك جعل همه الأول الوطن والمواطن    وحدة الساحات والنهاية الحتمية    حكمة ملك وازدهار وطن    المملكة تشارك العالم في الاحتفاء بيوم المعلم    ذكرى غالية ومجيدة    المدبر هو الله.. لا تقلق    ضبط شخص في جدة لترويجه (8) كيلوجرامات من مادة الحشيش المخدر    الألفة مجلبة للتعاون على البر والتقوى    وزير الحج يستقبل وزير السياحة والآثار المصري    الأمير سعود بن نهار يعزي أسرة الحميدي    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



اختصاصية أعشاب تعالج.. وتهرب!
نشر في شمس يوم 27 - 04 - 2011

امتهان الأعشاب ليس بالأمر السهل إذا لم يكن للشخص علم واسع بها، سواء اكتسبه أو درسه أو حتى ورثه، غير أن المفارقة المهمة في إقناع المرضى تتمثل في القدرة الفائقة على الكلام أثناء الحوار مع المريض، وذلك يتطلب معرفة بأعراض الأمراض حتى يقتنع المريض بقدراته لأنه في حالة لجوئه إلى اختصاصي أعشاب غالبا ما يكون قد زار عددا من الأطباء دون أن يحصل على غايته في الراحة مما به من علل.
تدبرت موقعا نائيا مع صديقة تمتلك شقة خالية تبحث عن تأجيرها فاستأذنتها لاستغلالها لمدة لا تقل عن أسبوع للقيام بمهمة اختصاصية أعشاب ينبغي أن تكون معلومة العنوان، حيث لا يصلح التواصل الهاتفي في هذا الموضوع، في حين قامت صديقتي الأخرى بمهام العلاقات العامة في التواصل مع الباحثين عن العلاج وتوجيههم ناحيتي.
كان من المهم عند كل حالة أن تقوم صديقتي بمعرفة نوع المرض الذي تعانيه المرأة التي تبحث عن مختصة في الأعشاب، أي أننا في الواقع نسمع قصة المرض مرتين بحيث تكفي لتكوين فكرة كاملة عنه من خلال المراجع العلمية والحديث مع المريضة وكأنني على علم واسع وغزير بالمرض وطرق علاجه.
عين جميلة
أولى مريضاتي فتاة في العشرينيات من عمرها جاءت مع والدتها، لم تبد عليها آثار مرض عضوي بقدر ما هو نفسي، فالبنت كانت شاردة طوال الوقت وتولت والدتها الحديث عن مرضها، وقالت إنهم راجعوا أكثر من عشرة أطباء ولكن بقيت حالها على ما هي عليه لمدة قاربت العامين، فقلت لها: ألم تذهبوا بها إلى شيخ يرقيها؟ قالت: بلى، ولكن أيضا لم ينجح الأمر.
في الواقع حسبما علمت من صديقتي قبل أن تأتياني أن الفتاة ربما كانت معيونة، فهي جميلة وكانت متفوقة في دراستها قبل أن تتوقف، وحالها توقفت على ذلك فجأة فقد كانت نشيطة ومرحة ولديها كثير من الصديقات، وقد توقفت عن تناول الطعام إلا بالغصب، وذلك ما اضطر أهلها إلى تنويمها مرات عدة في المستشفى بعد إصابتها بسوء تغذية، أي أن الحالة نفسية أكثر منها عضوية تحتاج إلى أعشاب، وذلك ما ذكرته والدتها بالضبط، ولم يكن أمامي من خيار سوى وصف أعشاب لحالة فقدان الشهية ومحاولة بذل مجهود نفسي مع الفتاة من خلال محاورتها كأخت لها، فوصفت لفقدان الشهية، بالإضافة إلى بذور الكمون المسحوقة إلى الطعام بمقادير بسيطة، أو استعمال البذور غير المسحوقة بشكل مغلي، حيث يضاف مقدار ملعقة صغيرة من بذر الكمون غير المسحوق إلى كأس من الماء بدرجة الغليان ويترك ليتخمر لمدة 10 دقائق، ثم يصفى ويشرب منه فنجان قهوة مع كل وجبة طعام، وطلبت منها أن تعود إلي بعد ثلاثة أيام.
باحثة عن أمومة
زائرتي التالية كانت سيدة في الأربعين من عمرها، تشكو تأخر الحمل، وأيضا تكررت على الأطباء دون فائدة، وهي راغبة بقوة في أن تصبح أما خاصة أنها متزوجة منذ نحو عشرة أعوام، وجربت كثيرا من الطرق لكي تحمل وترزق بطفل، وهي تبدو غير متخوفة من أن يفارقها زوجها بسبب ذلك بقدر ما تحرص على أن تكون أما فذلك يعني لها الكثير، ولذلك كانت كثيرا ما تبكي وهي تتكلم لدرجة النواح، وقد أحضرت إحدى بنات أخواتها لتقيم معها في المنزل بصفة شبه دائمة لحبها للأطفال، وهي تراعيها كابنتها كتعويض لشعور الأمومة داخلها.
قلت لها إن عدم الإنجاب مسألة أرزاق، وكثير من السيدات أنجبن في فترات متأخرة من أعمارهن، ولكن حتى يحدث ذلك يجب أن تصبري وتثقي في الله، ولا تربطي ذلك باستمرار زواجك من عدمه، ومن تصبر كل هذا الوقت يمكنها أن تصبر أكثر حتى يفرج الله عنها، وقلت لها إن تأخر الحمل ليس مرضا ولكن بإذن الله يمكن أن يتحقق الحمل بين عشية وضحاها ويأتي الفرج، والحل في رأيي أن تعملي حجامة وتشربي عسلا صافيا، وذلك من هدي نبينا عليه الصلاة والسلام، فافعلي ذلك وانتظري الفرج ولا تيأسي من رحمة الله، وقد خرجت من عندي وهي مبتهجة بأنها قريبة مما أتت بشأنه، فهي بحاجة إلى الأمل وكلما رأته في أي حل فرحت وانزاحت غمتها.
مكتئبة ومصدومة
من أصعب الحالات التي يمكن أن تواجهها اختصاصية أعشاب «مدعية» مثلي في هذه المهنة عندما يتداخل مرض المريض بين النفسي والعضوي حينها يصبح هناك تشابك قوي بين الأعراض يتطلب خبرة أو ممارسة الهروب الناعم من مواجهة المشكلة بتحديد موعد لجلسة أخرى أقرر فيها العلاج المناسب وهي جلسة بالطبع لن يأتي موعدها أبدا، وقد فعلت ذلك لنحو أربع حالات بدت صعبة بالفعل ومن الخطأ الإشارة إلى أي علاج بالأعشاب لها إلا من مختص حقيقي.
كانت حالة تلك الفتاة غريبة، فهي تعيش نوعا من الاكتئاب النفسي الذي يشعر معه الشخص بأنها في عالم آخر، جاءتني مع أختها التي تولت الحديث ووصف أعراضها بالنيابة عنها، وهن يعرفن أن ما بها حالة اكتئاب حدثت لها منذ عدة أشهر عقب فض ملكتها من شاب كان مرتبطا بها لقرابة الثلاثة أعوام، وقرر فجأة فك الارتباط دون مقدمات، ومنذ ذلك الوقت وهي على حالها تعيش رفضا للحياة يكاد يهلكها.
حاول أهلها مساندتها والوقوف بجانبها دوما، ولكن ما بها أقوى من كل محاولات إخراجها من دوامة الصراع النفسي الذي تعيشه، بدوري اجتهدت في الحديث معها من منظور نفسي لا علاقة له بالأعشاب وقد نجحت على الأقل مرتين طوال نصف ساعة في لفت انتباهها، وذلك حينما حدثتها عما إذا كانت قد فكرت في أن ما حصل قد ينطوي على خير لها، والثانية حينما قلت لها إنها شابة والحياة لا تزال أمامها لتعيشها وترتبط بآخر يكون أفضل من الذي تركها، وأخبرتها بأن الحل بيدها بأن تدخل الحياة مرة أخرى من باب آخر وتطوي صفحة الماضي وتفتح صفحة المستقبل، وقلت لها إن الأدوية الطبية لن تعالجها من حالتها ما لم تبذل بنفسها مجهودا، كما أنها لا تنجح مع كل شخص، ولذلك عليها أن تتخلص من عبء التجربة الماضية بنفسها ولا توهم نفسها بأن هناك علاجا صيدليا أو عشبيا يمكن أن يعالجها، وطلبت منها أن نتواصل لنتحدث إلى بعضنا وأن تحاول خلال ثلاثة أيام أن تفكر بصورة إيجابية تجاه نفسها وأن تتصل بي، فإن فعلت ذلك فهي بدأت العلاج وإن لم تفعل فقد تتأخر حالتها.
تساقط شعر
بعض الزوار أشعر بأنهم فاضيين وليست وراءهم هموم أو مشكلات صعبة، فهم يبحثون عن أشياء سهلة وبسيطة فعندما أنتقل من حالة صعبة كتلك الفتاة إلى أخرى يتساقط شعرها بصورة غير مرضية أشعر بأن المفارقات الاجتماعية كبيرة، فهذه الفتاة يمثل لها تساقط شعرها مشكلة مزمنة تكاد تدمر نفسيتها، رغم أن التساقط لا يبدو مزعجا، ولذلك وصفت لها وصفة حفظتها مسبقا من خلاصة عصير البصل تدلك به فروة الرأس فإنه سريع في ظهور الشعر ويمنع التساقط، وكذلك يؤخذ حرف الجرجير، غير الجرجير العادي، ليعصر ويمزج مع خل أبيض وتدهن به الرأس مرة كل يوم، ولهول مشكلتها أعطتني خمسمائة ريال قبل أن تغادر مسرعة وفرحة وكأنها اكتشفت نظرية جديدة، وأعتقد أنها تنفق على مشكلتها كثيرا من المال إذا كانت هذه حالها.
مريضة أخرى تعاني فقر الدم وهي على ما يبدو لا تأكل بانتظام، وكثيرات يتعبن نظاما غذائيا يكفي لإصابتهن بفقر الدم والأنيميا ولذلك نصحتها بثقة العارفة بالنظام الغذائي بتناول الفاكهة مثل التين اليابس، والتمر، والتفاح، والكستناء، والمشمش، والموز، واللوز، والعنب، وفول الصويا. والخضراوات مثل: السبانخ، والبازلاء، والعدس، والفاصوليا، والخس، والبقدونس، والكرفس، والحلبة، والملفوف، واللفت، وهي لم تكن بحاجة إلى أعشاب بقدر حاجتها إلى تنظيم طعامها بصورة علمية.
من خلال الاحتكاك المباشر مع الحالات التي قدمت إلى الاختصاصية المزعومة، هناك وهم حقيقي يتملك المرضى بأن من يأتون إليه لديه العلاج الشافي لآلامهم، وذلك يجعلهم عرضة للنصب عليهم وإطالة أمد العلاج، إذ ليس كل مدع يمتلك الخبرة الكافية بالأعشاب على نحو ما ادعيت، وفوجئت بعدد ليس بقليل من المرضى بدوا مطمئنين تماما لقدرتي على العلاج، وذلك لأنهم قابلون للخداع ويسيطر عليهم المرض ويفقدهم شعورهم بما هو خاطئ وصحيح .


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.