*مراسل الجارديان البريطانية في مصراتة ظلت مصراتة متحدية صامدة رغم الحصار الذي تتعرض له من قوات النظام الليبي. وأدت الحرب المستمرة فيها منذ نحو شهرين إلى اكتظاظ القبور والمستشفيات بآلاف القتلى والجرحى. ودفع المتمردون ثمنا باهظا لمقاومة كتائب القذافي بهذه المدينة الساحلية التي تقع على بعد 200 كيلومتر شرق العاصمة طرابلس. وامتلأت الساحة المجاورة لمواقع الدفن الرئيسية بقبور متجاورة تغطيها طبقة سميكة من شرائط الأسمنت مع كتلتين خرسانيتين تبرزان من الأرض على الطرفين. ولا تزيد المسافة بين بعض القبور عن ستة أقدام، مثل تلك التي تضم رفات خالد أبوشاهمة، أول محتج يقتل بالرصاص الحي على يد قوات القذافي بمصراتة، في 20 فبراير الماضي، وشخص آخر توفي قبل يومين فقط. في قبور أخرى، لا تزيد المسافة عن قدمين. وتسبق كلمة الشهيد كل الأسماء المنحوتة في الشواهد الأسمنتية، وبينهم عدة أطفال أصيبوا بعيارات نارية «القذافي هو السبب وراء كل هذا»، قالها رجل مسن يشرف على المقبرة. وبسبب التعتيم الإعلامي المفروض على المدينة، ظلت المصادر الطبية هي الجهة الوحيدة التي تفضح حجم الخسائر في مصراتة حيث قتلت قوات القذافي، في محاولاتها للقضاء على المعارضة هناك، نحو ألف شخص معظمهم من المدنيين. والقتال في المدينة مكثف للغاية ما تسبب في التدمير الكامل لبعض مناطقها. وأصبحت جدران المنازل والمساجد والمباني مليئة بالفجوات التي تسبب فيها القصف العشوائي بمدافع الهاون، كما دمرت بعض الجدران بصورة كاملة. وأصبحت ضواحي مصراتة القريبة من الصفوف الأمامية للحرب مهجورة تماما بعد فرار سكانها الذين تجمعوا في المناطق المطلة على الساحل، والاتصالات مقطوعة تماما فيها. لقد أثار صمود المقاومة في المدينة ذهول المتابعين، نظرا إلى قلة عتادهم وخبرتهم، كما أن تمكنهم من صد هجمات قوات القذافي وحصرها في منطقة محددة من المدينة يعد معجزة. ولكن تكلفة هذا الصمود باهظة: ألف قتيل وثلاثة آلاف مصاب بشظايا قذائف قوات القذافي وطلقات القناصة.