يلقى تجار ومربو الماشية صعوبة بالغة في الحصول على الشعير بسبب ارتفاع الأسعار بشكل مبالغ فيه، حيث سجلت أمس الأول ارتفاعا تراوحت نسبته بين 30 و45 % على مختلف الأصناف، حيث ارتفع سعر الكيس من 33 ريالا «قبل أسبوعين» إلى 65 ريالا في السوق السوداء «قابلة للزيادة». واشتكى التجار والمربون من غياب الرقابة الحكومية على الأسواق، مؤكدين أن قصر الاستيراد والتوزيع على عدد محدود من الشركات يفتح بابا واسعا لاحتكار هذه السلعة والتحكم بأسعارها، وأشاروا إلى أن امتداد أزمة الشعير التي تشهدها السوق السعودية وتفاقمها سيؤدي إلى تعدي الأزمة لتشمل الألبان واللحوم وسوق الماشية، وكل ما يندرج تحت مفهوم الثروة الحيوانية التي تعد مصدرا مهما للغذاء لتغطية احتياجات المواطنين في الدرجة الأولى. وشدد خبراء ومهتمون على أن الأزمة قد تأخذ منحى خطيرا يهدد الأمن الغذائي، ويدخل المواطن السعودي في دوامة ارتفاعات السلع الأساسية لحياته، وبالتالي التأثير السلبي على درجة الإنفاق في الوقت التي شددت فيه الأوامر الملكية التي صدرت أخيرا على أن الدولة ستعاقب كل من يفتعل أي أزمات تضر بالمواطن ورفع الأسعار نتيجة الزيادات التي طرأت على دخله من أجل تحسين معيشته. وأكدوا أن توجيهات خادم الحرمين الشريفين واضحة وأن وجود مثل هذه الأزمات أمر لابد أن يخضع للرقابة ومحاسبة من كان وراء نشوئها، خصوصا عندما تتفاقم لتدخل في حيز الإضرار بمصالح الناس والعباد. وأشار تجار الشعير: محمد سعد المعجل وخالد محمد البواردي وغدران سعيد الغدران وباسم الغدير إلى أن تفاقم أزمة الشعير دون أن يتم وضع حلول لها وتداركها من قبل الجهات المعنية تدل مؤشراتها على أنها ستزداد وستطول المستهلك العادي في وقت قصير سواء بارتفاع الأسعار أو رداءة المنتج، أو الآثار المترتبة على الصحة. وقالوا إن «القرارات المتضاربة بين وزارتي المالية والتجارة هي التي تحكم الموقف، فوزارة المالية صرحت بالسماح بالاستيراد دون إعانة، ووزارة التجارة تصر على إجبار التجار على البيع بالسعر المحدد من قبل الدولة الذي يقل كثيرا عن سعر الاستيراد». ودعوا إلى ضرورة التفكير في بدائل للشعير.. ووضع حلول مقترحة لتدارك هذه الأزمة. ويتابع العديد من الخبراء كافة التطورات المتعلقة بموضوع الشعير، وبعناية تامة ومنذ فترة طويلة وطرح رؤيتهم، وأهمية السعي نحو إيجاد حل جذري له، وبحث آثار دعم الدولة الذي أدى لاستيراد سبعة ملايين طن شعير سنويا وبات يتجاوز 50% من إجمالي حجم الشعير المتداول في الأسواق العالمية، ويكلف الدعم خزينة الدولة ما يُقارب المليار، و400 مليون ريال سنويا». وأبدى الخبراء مخاوفهم من تأثير ارتفاع أسعار الشعير في السوق المحلية على مُربي الماشية المحليين، مؤكدين أن الارتفاع لا يقتصر تأثيره على نشاط الأعلاف، وتربية الماشية»، مشددين التأكيد على ضرورة إحداث تغيير في سياسة استهلاك ودعم الشعير من خلال الشروع في التطبيق التدريجي للخطة الوطنية للأعلاف التي تهدف إلى إحلال الأعلاف المركبة محل الشعير من خلال إيضاح آليات تطبيق الخطة، ومراحل تطبيقها، مع الأخذ في الحسبان تقليص الإجراءات البيروقراطية والروتين في تنفيذ الآليات الجديدة الخاصة بتحديد وصرف الإعانات للحد من أزمة ارتفاع أسعار الشعير». وطالبوا بأهمية إشراف جهة على تطبيق الخطة بموجب الآليات الجديدة التي من الضروري أن تشترك في وضعها جميع الأطراف المعنية بهذا الموضوع، مشيرين إلى ضرورة تقديم الدعم لمصانع الأعلاف المركبة، وحثها ومساعدتها على الإنتاج بطاقتها القصوى، ودعم خططها التوسعية، وتمويل إقامة مصانع جديدة بالتنسيق مع صناديق التنمية الحكومية المسؤولة عن تمويل هذا النشاطات المهمة. وكان مجلس الوزراء وافق منذ فترة على «الخطة الوطنية لتشجيع صناعة الأعلاف المركزية وحسن استخدامها ودعم مدخلاتها»، حيث تعمل وزارة الزراعة على تقدير الأعلاف المنتجة محليا وحالة المراعي، وإنتاجيتها بشكل دوري، ومتابعة أسعار الذرة الصفراء وكسب فول الصويا «وهما أشهر مدخلين علفيين في تغذية الحيوان» في الأسواق العالمية بالتعاون مع اللجنة الوزارية المكونة من وزراء المالية والتجارة والصناعة والزراعة بمراجعة حصص مصانع الأعلاف وتقدير نسبة الإعانة على مدخلات الأعلاف. ووفقا لخبراء اقتصاديين فإن فجوة الأعلاف المركزة في المملكة، بالنظر إلى كمية الاحتياجات والإنتاج من هذه الأعلاف، يشمل كلا من الأعلاف المركزة للمجترات بأنواعها «أبقار، أغنام، إبل»، حيث بلغت فجوتها نحو 3.06 مليون طن، منها نحو 94.4 ألف طن أعلاف أبقار بنسبة 3.1 %. يشار إلى أن المملكة تعد أكثر دول العالم استهلاكا للشعير، حيث يبلغ حجم الكميات المستوردة ما يزيد على تسعة ملايين طن سنويا .