يقول أينشتاين «العلم بلا تدين أعرج والتدين بلا علم أعمى» وكل شيء بالتأكيد أعمى بلا علم كافٍ أو ثقافة مفكرة، أستحضر هذه المقولة كلما سمعت النقاشات السطحية المحتقنة حول قضية ساخنة أو أبصرت ما يكتبه البعض في تعليقاتهم على بعض المواضيع التي تطرح في الصحف الإلكترونية أو المواقع التفاعلية، حينها يتملكني الإحباط الشديد فأحاول الخروج منه بقراءة شيء يبهج عقلي ونفسي وعادة ما يكون للراحل المدهش عبدالوهاب المسيري، رحمه الله. لم تعد الثقافة العامة بعيدة عن المساحة الاجتماعية كما في السابق وذلك بفضل الثورة التقنية والمعلوماتية، إلا أن هذه الثقافة لم تزل سطحية، لذا هي لا تبني ثقافة أو ترفد عقلاً، ومازلنا نعاني إشكالية تعطيل التفكير بإرادتنا، وهذه الإشكالية تدفعنا إلى التعاطي مع الأحداث أو المفاهيم والحكم عليها دون فهم حقيقي أو حتى إزجاء نظرة تحليلية تجعلنا أكثر إنصافا أو موضوعية، فملكة التفكير لم تزل قيد الانتظار لدى شريحة عريضة من أبناء مجتمعاتنا العربية بسبب الوسائط الإعلامية التي تقدم الثقافة بصورة مجتزئة سطحية والأحداث بقوالب مضخمة وموجهة، لذا أرى أن القراءة الجادة والمتنوعة هي الحل الأنجع لتحريك العقل ومواجهة موجات التسطيح والقولبة، وهنا يأتي دور المؤسسات التعليمية والثقافية في مد جسور القراءة بين الناشئ والكتاب ومن ثم تعزيز عادة القراءة لخلق جيل مبدع منتج واعٍ، ولا تفوتني هنا الإشادة بمبادرات نادي الجوف الأدبي الثقافي بإطلاق مشروعين رائدين على مستوى الأندية الأدبية في المملكة وهما «لقاء الأحد الثقافي» الذي بدأ بالانعقاد منذ شهرين بشكل أسبوعي، وناقش عددا من الكتب المهمة، والآخر «ملتقى البراعم» الذي تمثل بزيارة طالبات المدارس لمكتبة الطفل بالنادي بشكل أسبوعي، ومن هنا تمتد الدعوة لكل أسرة ومؤسسة ثقافية لتمتين علاقة الطفل والشاب بالقراءة فهي المصدر الحقيقي لبناء ثقافة راسخة وعقل مختلف مفكر، فحين تشتعل جذوة القراءة فإننا سنضيء الوطن والعالم، وحين تخبو فسنظل بحاجة لمن يضيء لنا.