فيما يتعلق بالصحافة الفنية، فباعتراف كثير من رموزها فإنها ما زالت تعاني ندرة في مهنية الكوادر العاملين بها، وأغلب من يمثل الصحافة الفنية هم أناس ليسوا احترافيين بالشكل الكافي في أداء مهمتهم، وبالتالي فإن نظرتهم إلى خريطة الحراك الثقافي والدرامي حولهم ليست ذات أهمية، وعدم حرفيتهم تجعلهم غير متفهمين لضرورة التجريب وتكرار المحاولة في مجتمع لا توجد فيه أكاديميات أو معاهد لتدريس الفنون وبالتالي فإن ما يقدم يجب أن يتم التعامل معه بتقدير وبدعم وهي غائبة دون تعمد منهم عن اهتمامهم ووعيهم، لذا ليس بمستغرب أن تدور في الساحة «علكة» الاتهامات المتبادلة بين الصحافيين أنفسهم بأن فئة منهم تتلقى مرتبات ومكافآت من فنانين بعينهم، لقاء نشر أخبار وتقارير تمجدهم، وتسفه في المقابل المنافسين لهم، وهو ما أثر سلبا على مصداقية هذا الوسط. الإشكالية الثانية وهي الأخطر تلك المتعلقة بالفنانين السعوديين أنفسهم، ففي الوقت الذي كان يجب فيه الوقوف خلف كل من دعم الحراك الدرامي السعودي، وأوجد بطريقة أو بأخرى حراكا ونقاشا حولها، تحول الاهتمام وبدافع من الغيرة إلى تحطيم كل من تبنى هذا التوجه الريادي، وتناقل إشاعات حوله، وحول فكره، ويبرز في هذا الجانب على صدر صفحاتهم الفنية أعمال تم عرضها على الشاشات الخليجية المهتمة بعروض الدراما السعودية، اتهمت هذه الأعمال إما بالتسطيح أو بمهاجمة مجتمعها عندما أبرزت بعض تفاصيله، وقد تجاهلت هذه الأصوات بكل أسف أعمالا محلية ناجحة ومع الظروف القاسية التي تعاني منها الدراما السعودية إلا أنها استطاعت ومنتجوها استطاعوا وبقوة الدخول نحو مناطق كانت معروفة مهنيا باستحالة اختراقها، مثل المجتمع المصري، أو الأعمال الدرامية المصرية، وسط هذا الجو الذي بشر بميلاد حقبة سعودية درامية جديدة، دائما يبرز الخلاف، وتبدأ الحروب، تشترك في إشعالها بشكل غير متعمد القنوات المهتمة بعروض الدراما السعودية، الذي نظر الكثير من الفنانين إليها وإلى تعاونها مع شركات إنتاج بعينها، بعين من الغيرة والحسد، فلماذا فهد الحيان فقط مع قنوات دبي ولماذا عامر الحمود فقط مع قنوات أبوظبي؟! ولماذا حسن عسيري مع قنوات إم بي سي؟! ليتحول النقاش لاحقا بدلا من كيف يمكن دعم المشروع الدرامي السعودي، إلى كيف يمكن هدم هذا المشروع، وكيف يمكن الحد من نجاح القائمين عليه وكثير من الرافضين لتطور الدراما من صحفيين سطحيين أو من ممثلين منافسين بشكل غير نزيه لم ينتبها جيدا إلى أنهما لا يقومان بهدم عمل درامي وحسب بل بهدم عمل وطني كان من شأنه في حال نجاحه، أن يقف الآن بقوة أمام كل محاولات الاستحواذ الفضائي لكل من المد الفارسي أو التركي تجاه المجتمعات الخليجية.