لماذا فقدت كثير من العواصم التجارية العالمية بريقها الدولي ملاذا آمنا للاستثمار ولم تتأثر بذلك دولة الإمارات رغم أن تحديات الأزمة العالمية تحاصر الجميع؟... وهل من الوارد تراجع الدور التجاري والاستثماري لها في ظل أزمة الديون والأجواء السياسية غير مستقرة في بعض البلدان العربية؟..علامات استفهام عديدة طرحتها تقارير دولية وخبراء محايدون حول جاذبية الإمارات كمركز عالمي للتجارة والاستثمار، حيث صنف تقرير دولي الإمارات من بين أفضل عشر دول للعيش والعمل، وذكر التقرير الذي أصدرته مجموعة هايدوجين العالمية المتخصصة في التوظيف أن الإمارات احتلت المرتبة السابعة في قطاعات التمويل والتكنولوجيا والمصادر البشرية والتشريعات القانونية، متقدمة في هذا الاختيار على سويسرا وسنغافورةوإسبانيا وألمانيا والصين. وقالت المجموعة في تقريرها الذي استطلعت من خلاله آراء 3150 مهنيا من 70 بلدا، أن الإمارات كانت الاختيار المفضل الخامس بالنسبة للمهندسين، حيث أبدى 10% منهم رغبة في الإقامة في الإمارات وأنهم يفضلونها على إسبانياوكندا وهولندا وسنغافورة وفرنسا، وفيما يخص التكنولوجيا صنف المهندسون أمريكا في المرتبة الأولى في هذا القطاع تلتها أستراليا، ثم المملكة المتحدة وفرنسا ثم كندا وسويسرا والإمارات ثم سنغافورة ونيوزيلندا وألمانيا. وغطى الاستطلاع قطاعات مختلفة مثل التمويل والهندسة والمصادر البشرية، من بين قطاعات أخرى. وفي هذا السياق قال تيم سميتون الرئيس التنفيذي لمجموعة هايدروجين، إن تلك البلدان تفي بأعلى معايير المهنيين من حيث الأمن والاستقرار والانسجام الثقافي، وهي ليست من البلدان التي سيفكر المرء في الانتقال خارجها. وقال إن اللغة الإنجليزية هي قاسم مشترك في تلك البلدان، فهي لغة العمل كما تتيح فرصا واسعة للتخاطب وسط أجواء ممتازة من الاتجاهات المختلفة ومستويات المعيشة الراقية. واحتلت الإمارات المرتبة الأولى في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا في مؤشر ليجاتوم للرفاهية العالمي، وهي مؤسسة غير نفعية تتخذ من لندن مقرا لها، وأشار التقرير إلى أن الإمارات احتلت المرتبة 30 عالميا في المؤشر الذي ضم 100 دولة، مؤكدا أن نسبة عالية ممن جرى استطلاع آرائهم، أعربوا عن رضاهم بالأداء الاقتصادي في الإمارات، وجاءت في المرتبة 22 من حيث نسبة الرضا عن مستوى المعيشة، وفي المرتبة 13 من حيث التوقعات الاقتصادية، مظهرا وجود نسبة عالية من التفاؤل حول وفرة الفرص الوظيفية. وعزا التقرير هذا التفاؤل إلى المستوى العالي لمعدل نمو الناتج المحلي الإجمالي، بالنسبة للفرد بين عامي 2004 و2008، حيث احتلت المرتبة 20 في هذا المجال، مشيدا باستدامة النشاط الابتكاري في الإمارات، حيث احتلت المرتبة 24 في فئة ريادة الأعمال ووفرة الفرص الاقتصادية، الذي وصفه التقرير بالممتاز، مضيفا أن الإنفاق على الابتكار في الإمارات جيد والتمتع بالشفافية والنظام، وقال إنه لا يوجد في العالم شعب يتمتع بأعلى معدل لاستخدام الهواتف المتحركة مثل الإمارات. وذكر التقرير أن مستويات الإنترنت ذات النطاق العريض ودخول خدمات الإنترنت الآمنة وضعت الدولة في المرتبتين 42 و28 على التوالي، مما يؤكد وجود بنية تحتية قوية لريادة الأعمال، مشيرا إلى أن غالبية الذين استطلعت آراؤهم يعتبرون مناخ ريادة الأعمال في الإمارات ممتازا، مما وضعها في المرتبة التاسعة في هذا المجال. وفي مجال الحوكمة احتلت الإمارات المرتبة 38، فيما جاءت في المرتبة 34 على مستوى التعليم، حيث أعرب 85 % عن رضاهم عن مستوى كفاءة التعليم، لتأتي الإمارات في المرتبة الرابعة في انتشار التعليم بين الأطفال، والإفادة من تعليمهم. وفي الحقل الصحي جاءت الإمارات في المرتبة 35 على المستوى العالمي، واحتلت المرتبة 24 في مجال الأمن والأمان. وقالت نسبة عالية من المشاركين في الاستطلاع، إنهم يشعرون بالأمن والأمان خلال سيرهم ليلا، وهي النسبة العليا عالميا. وقال التقرير إن النسيج الاجتماعي في الإمارات يمتاز بقوته، حيث احتلت المرتبة 36 في المؤشر، مضيفا أن تطور رأس المال الاجتماعي في الإمارات في أقوى حالاته، وتسود أفراد المجتمع ثقة متبادلة، ترتقي إلى المستوى العالمي، ووصل عدد المتبرعين للأعمال الخيرية قبل شهر من استطلاع آرائهم إلى قائمة 25 عالميا، وقال 89 % من المواطنين الذين استطلعت آراؤهم إنهم يستطيعون الاعتماد على الأصدقاء والعائلة عند الحاجة. مؤشر الشفافية وتقدمت الإمارات بواقع درجتين على مؤشر مدركات الفساد الصادر عن منظمة الشفافية الدولية لعام 2010، مسجلة المرتبة 28 عالميا بعد أن كانت في المرتبة 30 العام الماضي، وجاءت في المرتبة الثانية بواقع 6.3 نقطة بعد قطر التي حققت 7.7 نقطة، لتكون الدولة الأكثر شفافية عربيا لهذا العام مسجلة المرتبة 19 عالميا، تلتها الإمارات في المرتبة 28 عالميا، وجاءت سلطنة عمان في المرتبة الثالثة عربيا وال41 عالميا، تليها البحرين في المرتبة الرابعة عربيا وال48 عالميا. تحولات المنطقة واتفق خبراء اقتصاد، على أن التحولات السياسية في المنطقة العربية، عززت مكانة الإمارات كملاذ للمستثمرين، أفرادا ومؤسسات، الذين بدؤوا نقل أعمالهم إليها، وقال الخبير الاقتصادي أحمد البنا، إن الاستقرار السياسي في الإمارات تعزز في ضوء اتخاذ الدولة خطوات لمعالجة ملفات ينادي بها الشارع في الدول العربية التي تشهد اضطرابات سياسية، حيث بدأت بمعالجة ملف الفساد منذ أكثر من سنتين، ورصدت أموالا ضخمة لتطوير البنية التحتية في الإمارات الشمالية، وكان آخرها ضخ أكثر من أربعة مليارات درهم لتطوير المياه والكهرباء، إضافة إلى خفض أسعار معظم السلع الغذائية، في وقت يعتبر دخل الفرد في الدولة من الأعلى في المنطقة. أما المدير الإقليمي في شركة «جونز لانج لاسال» فادي موصللي، فأشار إلى أن «استمرار الاضطرابات السياسية في الدول العربية المجاورة، سيدفع الشركات المتعددة الجنسيات إلى الانتقال إليها، ما يعزز كل القطاعات الاقتصادية»، وكشف تقرير أصدرته مؤسسة «جونز لانج لاسال» عن أن «نقاط قوة القطاع في الإمارات يعود أيضا إلى دعائم أساسية، مثل نشاطات قطاعات الخدمات والتجارة والسياحة والنقل. صعود النفط من جهتها قالت الرئيس التنفيذي في ستاندرد تشارترد في أوروبا والشرق الأوسط وإفريقيا وأمريكا «في شنكر» إن اقتصادات المنطقة ستحقق مكاسب جمة في ضوء ارتفاع أسعار النفط، وأشارت إلى أن الإمارات أحرزت أكبر زيادة في نقاط مؤشر الجدارة الائتمانية الذي تعده مجلة «إنستيتيوشنال إنفستور»، على مستوى الشرق الأوسط، وشمال إفريقيا حيث تقدمت إلى 3.75 نقطة في المؤشر المؤلف من 100 نقطة، ولتحل في المركز 32 في الترتيب العالمي، والذي يضم 178 دولة. وقال فيسوانثان شنكر الرئيس التنفيذي للبنك في الشرق الأوسط، وأوروبا وأمريكا، من مقره الإقليمي في دبي، إن وصول أسعار النفط لأكثر من 110 دولارات للبرميل ستفيد منتجين للنفط مثل أبوظبي. وأكدت وكالة التقييم الائتماني العالمية «موديز» أن إمارة أبوظبي استطاعت تخطي تبعات الأزمة المالية العالمية وتراجع الاقتصاد العالمي بسهولة ويسر، وذلك لوضعها المالي الأفضل مقارنة بمدن أخرى إلى جانب ما تتمتع به من استقرار سياسي داخلي وعلاقتها المتميزة مع الدول المجاورة لها والقوى العالمية الكبرى .