لا يبدو الشاعر علي أبو هاشم متفائلا بالنص الشعري الراهن، لأن الشعر الحالي حسب رؤيته دخل في «نفق الرمزية المظلم وابتعد عن ملامسة هموم وأحلام الناس»، ولا يبدو أن «أبوهاشم» راض حتى عن النقد العربي «الغائب الحاضر» الذي «تماهى مع النص الشعري»، وهي رؤية رغم تشاؤمها تعبر عن إحباط جيل شعري كامل يراقب باستسلام واضح تفوق الرواية على الشعر في عصر لم يعد ديوان العرب قادرا على استيعاب المستجدات الاجتماعية والسياسية والدينية وفق رؤية أبوهاشم. أين أوصلتك تجربتك في المرحلة الشعرية الراهنة؟ تجربتي الشعرية تجربة وليدة وحديثة، فديواني «أنتِ النساء»هو أول باكورة أعمالي، أما أين أوصلتني هذه التجربة فأعتقد أني ما زلت في طور الإبحار بعد إلى شواطئ أرحب وأوسع. ما الصعب في حيازة النص الشعري المعاصر للصدارة الإبداعية؟ أعتقد أن النص الشعري المعاصر فشل في التعبير عن آمال وآلام الوجدان العربي بدخوله في نفق الرمزية المتطرفة وعالم اللاوعي واللامفهوم واللامنطقي. وهذا ما يفسر نجاح الرواية اليوم.. لأن الرواية كشكل من الأشكال التعبيرية نجحت في التعبير عما يمس الوجدان الشعبي على المستوى الاجتماعي المعيش والسياسي وحتى الديني, ولكي نعود بالنص الشعري المعاصر للصدارة الإبداعية يجب على كل شاعر أن يضع نصب عينيه مقولة الأديب الفرنسي جان كوكتو «الفن ليس طريقة معقدة لقول أشياء بسيطة, بل طريقة بسيطة لقول أشياء معقدة»! كيف تكون شاعرا في حياة لاهثة واستهلاكية؟ هذه الحياة لا تمنع الشاعر من الفعل الكتابي، فقد يتأثر الشاعر بهذه الحياة وقد يؤثر. ما الذي تقدمه في تجربتك الإبداعية؟ وهل تستجيب لشغب الواقع؟ أزعم أني أقدم من خلال هذه التجربة قراءتي الخاصة إزاء ما يدور حولي.. كما أن الشاعر هو بالضرورة جزء من هذا الواقع بكل مفرداته، لذلك يستجيب له. ما تقييمك للنص الحالي؟ وهل أكسبه النقد مناعة ضد الترهل؟ النص الحالي ابتعد عن ملامسة هموم وأحلام الناس، فالنقد العربي «الغائب الحاضر» تماهى مع النص الشعري، وأرى الشاعر يجب أن يكون ناقدا لنفسه على الأقل، فالذي قاله الشاعر العربي الكبير نزار قباني حيال النص الشعري المعاصر لم يقله كثير من النقاد اليوم, فالنقد دخل في حالة من الشخصنة والمحسوبية فترهل بدوره النص الأدبي بالمطلق. كيف لشاعر أن يحتفظ بنفسه بعد الفراغ من النص؟ الشاعر ليس بمعزل عما يكتب، فهو أثناء فعله الكتابي يكون كطير يحلق في السماء ومصيره أن يعود إلى عشه أو كنحلة تتنقل بين الزهور ومصيرها إلى خليتها! بماذا تصنف نفسك في القصيدة السعودية الحالية؟ أريد أن يكون جوابي باستفهامين.. هل هناك تصنيف بشكل أو بآخر للقصيدة السعودية؟ وهل للشعر السعودي ملامح وسمات خاصة به يستطيع أن يتعرف عليه غير القارئ السعودي؟! لهذا من الصعوبة أن أصنف نفسي في القصيدة السعودية الحالية. ما الذي تعكف عليه حاليا؟ أعكف حاليا على تحضير ديواني الثاني «دخلت الجحيم مرتين» وأطمح أن ينال الإعجاب. بقية نص في فمك.. هو نص في رثاء الشاعر الراحل محمود درويش: «أيها الفارس.. / المدجج بالكلمات! / قد انتصرت على الموت / وفتحت بالسكونِ كل اللغات!»