لم تكن المداخلات الأولى عن صدور مرتقب للائحة النشر الإلكتروني، تتجاوب مع الآمال والطموحات التي أعلنتها وزارة الثقافة والإعلام. وظن الكثيرون أن ظهور اللائحة كفيل ب «كبت الأفواه»، واعتبروها بداية النهاية لنشر إلكتروني يفترض أن يتجاوز حدود الأعراف والواقع ويكسر حدة الزمن والمكان. لكن بمجرد ظهور لافتة تجيز التعديل والتنقيح، وتبيح لكل الآراء المداخلة، على أن تؤخذ بعين الاعتبار، تحولت الأنظار لواقع جديد، أبرزه الاعتراف بشرعية اللائحة التي حتما ستولد، ومن الأحرى المشاركة في ترتيبها وفق المعقول، وحسب المأمول من الناشرين والمسجلين. وولدت اللائحة، وخرجت للعلن، ووجد بعض المراقبين آراءهم مسجلة فيها، فيما اقتراحات البعض الآخر، تضمنتها، لكن الكل تعجب من المضمون الأهم، ممثلا في المادة 13 من اللائحة، التي نصت على رقابة النشر الإلكتروني: «دون الإخلال بالمسؤولية لما يتم نشره، لا يخضع النشر الإلكتروني بكافة أشكاله للرقابة من قبل الإدارة المعنية». تساءل الكثيرون: لماذا إذن اللائحة؟ فجاء الجواب ممثلا في المادة الرابعة، التي تضمنت كلمة «الحماية» سواء للمجتمع أو الأفراد أو العاملين. من هنا بدأت تتغير ملامح الإقبال على الترخيص، حتى بلغ 135 طلبا. فما الذي يجعل أصحاب المواقع الإلكترونية يقبلون على الأمر، بصورة مغايرة لما بدؤوه من تخوفات، وهل الخوف من الجديد دائما المحرك ضد أي لائحة، وإن كانت في صالح الجميع. وإذا كانت الوزارة أصدرت حسب التأكيدات 40 صحيفة إلكترونية، وسجلت 40 موقعا لمنتديات، فهل هذا الكم في مدى زمني وجيز، تأكيد على نجاح اللائحة، أم كما يقولون «البيان بالعمل». «شمس» وضعت جميع التساؤلات أمام الوكيل المساعد للإعلام الداخلي المكلف بوزارة الثقافة والإعلام أحمد بن عيد الحوت، فكانت المكاشفة. ليس ترفا لماذا بادرتم بإصدار لائحة النشر الإلكتروني بعدما صرفتم النظر عنها دهرا من الزمن ؟ أصبح استخدام الإنترنت شائعا، و زادت معه عدد الصحف الإلكترونية وكافة أنواع النشر الإلكتروني؛ لذا استطلعت الوزارة رأي العديد من أصحاب هذه المواقع، وغيرهم من المهتمين بالنشر الإلكتروني في إيجاد تنظيم لأنشطتهم، يراعى فيه الحفاظ على حقوقهم المادية والمعنوية وحقوق النشر والتأليف، فكان أغلب من استطلعنا رأيهم يرون ضرورة تلك اللائحة، وأنه لم يعد ترفا بل حاجة تستقيم معها أوضاع الصحف الإلكترونية، عدا النزر اليسير الذين رأوا خلاف ذلك. دون رقابة وما التخوفات التي جعلت النزر اليسير لا يرون ضرورة لإصدار اللائحة التنفيذية ؟ كانوا يظنون أن اللائحة سوف تقيد حرياتهم، وهو ظن في غير محله؛ لأن الحرية هي مسؤولية تجعل الشخص متحملا نتائج ما يصدر عنه سلبا أو إيجابا، وليست الحرية هي الفوضى، ونحن يسعدنا أن يكون الإنسان رقيبا على ذاته قبل غيره، و لذا جاءت المادة الثالثة عشرة من اللائحة التنفيذية تشير إلى أنه «مع عدم الإخلال بالمسؤولية، لا يخضع النشر الإلكتروني للرقابة من الجهة المعنية، فكانت اللائحة التنفيذية تنظيمية في معناها ومبناها . النظام ضروري إذا كانت اللائحة التنفيذية تنظيمية وليست رقابية، فلماذا لا تتركون أصحاب الشأن وهم أصحاب الصحف الإلكترونية ينظمون أعمالهم بأنفسهم دون الحاجة إلى تدخل الوزارة؟ البلدان المتقدمة في الحضارة لا تدع شأنا مهما من شؤونها إلا وتضع له نظاما يقننه، ويحفظ حقوق المنتسبين إليه، ولا بد من جهة تنفيذية يركنون إليها في حل خلافاتهم والفصل في منازعاتهم، وبالإعلام الداخلي قضايا عديدة تتعلق بالنشر الإلكتروني، تقدم أصحابها بها إلى الوزارة قبل صدور اللائحة التنفيذية، ومثل هذه القضايا كانت من أسباب تنظيم اللائحة. لا تعارض أليست لائحة نظام مكافحة الجرائم المعلوماتية كانت تغني عن اللائحة التي أصدرتها وزارة الإعلام؟ لائحة مكافحة الجرائم المعلوماتية تختص بقضايا اختراق المواقع والابتزاز، عبر هذا الاختراق، وقضايا القذف ونحوها، وهي جرائم موصوفة في النظام، ومحددة في مخالفات معينة، أما ما عداها من القضايا كقضايا حقوق التأليف التي يتم التعدي عليها، والمخالفات الناشئة عن النشر الذي لا يستند لشواهد و وقائع صحيحة أو قضايا التشهير بالأشخاص، دون صدور حكم بذلك، و نحوه، فإن اللائحة التنفيذية للنشر الإلكتروني تستوعبه، وكل من نظام مكافحة الجرائم المعلوماتية أو النشر الإلكتروني، يكمل أحدهما الآخر، ولا تعارض بينهما. تقبل الرأي الآخر تحدث البعض عن وجود قصور في بعض جوانب اللائحة التنفيذية، وكانوا يرون تعديل أو حذف بعض مما جاء فيها، فهل استوعبتم هذا الرأي أو ناقشتم أصحابه؟ وزير الثقافة والإعلام حرص منذ البداية على الاستفادة من كل الآراء؛ لذا كانت التوجيهات واضحة، حيث وجهنا إلى الاستماع إلى كافة وجهات النظر، فيما يخص النشر الإلكتروني، ودراستها بعناية، وعدم إغفال أي ملاحظة، ومن مبدأ الشفافية التي حرص عليه الوزير، فقد رأى وضع اللائحة على موقع الوزارة في الشبكة العنكبوتية، ووعد بتعديل أو تبديل أي مادة من مواد اللائحة إذا وجد ما يبرر ذلك الإجراء؛ لأن تطوير النشر الإلكتروني عامة من أولويات الوزير، وقد أكد هذا المفهوم المستشار المشرف العام على التليفزيون عبد الرحمن الهزاع، في أكثر من لقاء، ووعد بتقبل الآراء بصدر رحب، و قال إن قلوبنا وعقولنا مفتوحة لكل الآراء. طلبات عديدة هل يوجد إقبال من أصحاب المواقع الإلكترونية على الترخيص أو التسجيل لدى الجهة المختصة بالإعلام الداخلي أم أن هناك ترددا في ذلك؟ إدارة الإعلام الإلكتروني بالإعلام الداخلي تستقبل يوميا العديد من طلبات أصحاب المواقع الإلكترونية الراغبين في الترخيص أو التسجيل، ومن باب التيسير على أصحاب المواقع الإلكترونية المختلفة، قمنا بوضع رابط على موقع الوزارة على شبكة الإنترنت www.info.gov.sa، ليتمكن من هم خارج مدينة الرياض أو الذين لا تمكنهم ظروفهم من الحضور إلى مقر إدارة الإعلام الإلكتروني في الوزارة بالرياض، من تقديم طلبات الترخيص أو طلبات التسجيل إلكترونيا، كما يمكن لهم التواصل مع إدارة الإعلام الإلكتروني من خلال البريد الإلكتروني وهو [email protected]، وحسب إفادة مدير إدارة الإعلام الإلكتروني طارق محمد العيد الخطراوي، فإن عدد الطلبات التي وصلت الإدارة إليه خلال أسبوع فقط بلغت 135 طلبا، حيث تم إصدار 40 ترخيصا للصحف الإلكترونية، وتم تسجيل 40 لمنتديات ومواقع شخصية، وهذا دليل على إدراك أصحاب تلك الصحف الإلكترونية والمواقع لأهمية التعاون مع الوزارة، فيما يساعد على النهوض بهذا النشاط وتنظيمه؛ لأن الفوضى لا تنجب النجاح .