جدة مدينة خلقت لأن تكون مدينة حياة، وليست مدينة موت.. لأنها تحولت في السنوات القليلة الأخيرة إلى مدينة تفوح منها رائحة الموت.. رائحة الفقد.. رائحة الحزن.. رائحة الغضب.. رائحة الألم.. رائحة التعب... وروائح كريهة كثيرة.. ليس أولها رائحة الفساد، ولا آخرها رائحة القمامة والبيارات الطافحة! فمن لا يجد في نفسه القدرة على أن يعيد جدة لرونقها فلينسحب نهائيا، ليتقدم الرجال المخلصون العاشقون لينهضوا بجدة.. لتعود إلى سيرتها الأولى. ما حدث لجدة يوم الأربعاء، لا يمكن أن يصمت عنه من يسري في عروقه حب الوطن، ومن كان السبب وراء هذا الوضع من المؤكد أنه إنسان «خائن» للوطن. إنني على قناعة تامة بأن كل سكان جدة غاضبون محتقنون كارهون هذه الإدارة المترهلة السلحفائية لجدة. جدة لمن لا يعرفها، وهم كثر جدا، مدينة عظيمة.. مدينة طيبة.. مدينة عمل.. مدينة محبة للخير.. مدينة ثقافة.. مدينة فن.. مدينة للحياة وليست للموت.. مدينة تغسل همومها في بحرها الذي لوّثه الملوثون. الخوف الكبير هو أن العام القادم ستتكرر الكارثة، وسنعاني منها، وسيموت منا أولادنا وأهلونا، ولن يتحرك ساكن. أعرف أن كلنا رافضون لهذا الواقع، ولكن، للأسف لا نفعل شيئا يوازي هذا الرفض، ولا نبحث عن الحلول الجادة للخروج من الكارثة وضمان عدم تكرارها. هل يعقل أن كل سكان جدة غير قادرين على إيجاد حل لهذا الانهيار الذي تعيشه جدة مؤخرا؟ هل يعقل أن كل سكان المملكة لم يجدوا حلا للصرف الصحي وتصريف مياه الأمطار في جدة؟ هل يعقل أن بعض الجهات الرسمية لا تستطيع أن تجد حلا جذريا لشوارع جدة، وتلوثها وتصريفها ومشاكلها؟ أم أن القائمين عليها غير قادرين على إدارتها؟ مليون سؤال وسؤال، لن أجد له إجابة، وأهم سؤال لماذا لم توقف وزارة التربية والتعليم الدراسة يوم الكارثة؟!