منذ بدء الشتاء وأجهزة الأرصاد الجوية تتنبأ بهطول أمطار على مدينة جدة، ولكن الرياح عادة ما تخيب ظن هذه التنبؤات حين تحمل معها السحب المحملة بالأمطار إلى مناطق أخرى متفرقة! ويبقى أول سؤال يسأله كل جداوي لنفسه كل صباح: «أروح الدوام والا ما روح؟»، حتى جاء أمين جدة ليقطع دابر الشك باليقين ويطمئن الجداويين بأن الوضع مطمئن، بل وإن رجال الأمانة يتمنون نزول الأمطار لكسر الحاجز النفسي. تتحقق أمنية رجال الأمانة يوم الأربعاء الماضي، وتغرق جدة لتحل كارثتها السنوية! فتجد نفسك إما حبيس منزلك ترقب السماء داعيا ألا يصاب أحباؤك بمكروه! أو موظفا عالقا في مكتبك! أو سائقا تجلس في سيارتك التي تجرفها المياه! أو واقفا في قارعة الطريق ومستوى المياه قد غطى نصف جسدك! وعندما أقول «المياه»، فلا أقصد مياها نقية معقمة بقطرات من اليود بل أقصد مياه طينية تسربت معها كميات من الديزل والبنزين، وأحيانا تحمل معها تيارا كهربيا! مهما كان موقفك فأنت محاصر بالمياه من كل جهة وليس بيدك إلا أن تمكث مكانك طويلا حتى يجد لك الله مخرجا! وأنت عالق وسط الأمطار تصلك رسالة نصية عبر الجوال تقول إن الدفاع المدني يطلب من الجميع أخذ الحيطة والحذر والابتعاد عن المناطق المغمورة بالمياه والبقاء داخل المنازل! تكتشف بعدها أن شبكة الاتصالات معطلة جراء الأمطار فلا تستطيع الاطمئنان على الآخرين ولا طمأنتهم عليك! وتصلك رسالة من إحدى شركات الاتصال لتطمئنك بأن جميع المكالمات الصوتية داخل شبكتها ستكون مجانية ليتسنى للجميع الاطمئنان على ذويهم! تشاهد طائرات مروحية تحوم من الشمال إلى الجنوب ومن الشرق إلى الغرب دون أن يكون لأحد أدنى فكرة عن الموقع التي تتوجه إليها تلك الطائرات حين يكون الجميع عالقين ينتظرون الإنقاذ!. بعد عودة كل جداوي إلى منزله بطريقته الخاصة، وبقصته التي ظل يرويها أياما، يشكر ختاما أبطال هذه القصة وأولهم أمانة جدة تتبعها الرئاسة العامة للأرصاد الجوية وشركات الاتصال والدفاع المدني الذين استطاعوا أن يضيفوا حسا كوميديا لكارثة جدة!.