خرج، أمس، آلاف المصريين الغاضبين يرددون من أعماق قلوبهم هتافات يطالبون فيها ب «إسقاط النظام» وهم يسيرون مثل الهدير في شوارع العاصمة القاهرة المحاصرة بقوات الأمن وفي مدن المحافظات الأخرى خاصة الإسكندريةوالسويس. وكان انتهاء صلاة الجمعة بمثابة ساعة الصفر لانطلاق التظاهرات الكبرى ضد النظام من جميع المساجد؛ إذ انتشر المتظاهرون في الشوارع تحت التصفيق الحار للمارة للمطالبة برحيل الرئيس حسني مبارك الذي يتولى الحكم في البلاد منذ 30 عاما. وشارك الإخوان المسلمون والمعارض البارز محمد البرادعي في «جمعة الغضب» التي دعت إليها «حركة 6 أبريل» الشبابية وأيدتها معظم قوى المعارضة. عجزت الشرطة عن السيطرة على المتظاهرين في القاهرة وغالبية محافظات مصر؛ ما أدى إلى أن يفرض الرئيس المصري حسني مبارك حظر التجول في القاهرة الكبرى والإسكندريةوالسويس ونشر الجيش في الشوارع لفرض الأمن ب «التعاون» مع الشرطة. وأصدر مبارك بصفته الحاكم العسكري للبلاد قرار حظر التجول الذي جاء فيه «تقوم القوات المسلحة بالتعاون مع جهاز الشرطة لتنفيذ هذا القرار وللحفاظ على الأمن وتأمين المرافق العامة والممتلكات الخاصة». وجاء القرار بعد تظاهرات واسعة النطاق وغير مسبوقة في معظم أنحاء مصر رافعة شعارا مستوحى من الثورة التونسية هو «الشعب يريد إسقاط النظام» واتخذت منحى عنيفا إثر تصدي قوات الشرطة لها بالقنابل المسيلة للدموع والرصاص المطاطي. واشتعلت النيران في المقر المركزي للحزب الوطني الحاكم الواقع على كورنيش النيل في قلب القاهرة، بحسب التليفزيون المصري الذي عرض صورا لألسنة اللهب التي تتصاعد منه. وأدت اشتباكات الجمعة إلى مقتل متظاهر على الأقل وإصابة عشرات آخرين. وحيا المتظاهرون قوات الجيش عندما بدأت في النزول إلى الشوارع؛ إذ تحظى المؤسسة العسكرية، على خلاف جهاز الأمن، بالتقدير من قبل السكان في مصر. وأدت المواجهات بين الشرطة والمتظاهرين إلى مقتل متظاهر واحد على الأقل في السويس وإصابة عشرات آخرين بجروح من جراء إطلاق الرصاص المطاطي. ولا تزال خدمات الإنترنت والهواتف المحمولة مقطوعة في مصر. وتم تعطيل خدمة الإنترنت عند منتصف ليل الجمعة، بينما تم صباح الجمعة قطع خدمة الهاتف المحمول التي تقدمها الشركات الثلاث العاملة في مصر. وجاء قطع خدمات الاتصالات في محاولة لإجهاض التظاهرات التي تتم الدعوة إليها أساسا عبر المواقع الاجتماعية على الإنترنت خصوصا الفيسبوك وتويتر ومن خلال الرسائل النصية على الهاتف المحمول. ونزل المعارض البارز المدير العام السابق للوكالة الدولية للطاقة النووية محمد البرادعي إلى الشارع تلبية لدعوة الحركات الشبابية وأدى الصلاة في ساحة أمام مسجد الاستقامة بميدان الجيزة«جنوب العاصمة» وظل محتميا بالمسجد لمدة ساعتين تقريبا مع اندلاع اشتباكات بين المتظاهرين والشرطة فور انتهاء الصلاة. وفي إجراء استباقي، أوقفت قوات الأمن فجر الجمعة 20 على الأقل من قيادات وكوادر جماعة الإخوان المسلمين، أكبر حركات المعارضة المنظمة في مصر، من بينهم ستة من أعضاء مكتب الإرشاد «المكتب السياسي» للجماعة وعدد من النواب السابقين. وأعرب البيت الأبيض الأمريكي عن «قلقه الشديد» إزاء الأوضاع في مصر وطالب السلطات باحترام حقوق المصريين وإعادة خدمة الإنترنت والمواقع الاجتماعية. ودعت وزيرة الخارجية هيلاري كلينتون السلطات المصرية إلى بذل «كل ما في وسعها» للبدء في تطبيق إصلاحات فورية .