الانتحار هو قتل النفس تخلصا من الحياة، وإذا كان الإسلام وكل الديانات السماوية تحرم قتل النفس، وتشير إلى أن حياة الإنسان ليست ملكا له، فإن الانتحار في بعض الثقافات الوضعية قد يعكس شجاعة الشخص المنتحر، ويحمل رمزية خاصة لدى بعض الشعوب كما هو عند اليابانيين. ورغم موجة الانتحار التي أبرزها الإعلام في العالم العربي في الأسابيع الأخيرة، وتزامنت مع تحذيرات بازدياد حالات القلق والاكتئاب، نتيجة للمادية الشديدة التي أصبحت تغلف كل شؤون الحياة، وضعف الوازع الديني، إلا أن الدول العربية والإسلامية من أقل الدول التي تشهد حالات انتحار في العالم. وإذا كان الانتحار في العالم يحصد في كثير من الحالات من يعانون ظروفا اقتصادية محبطة، فإن الغريب هو إقدام عدد كبير من المشاهير في مختلف المجالات على الانتحار، ليكشف انتحارهم عن إصابتهم بالقلق النفسي والاكتئاب، ولكن هذه الحالة تختفي خلف الابتسامات العريضة وعدسات المصورين وشاشات التليفزيون ومطاردات المعجبين وعالم الشهرة البراقة والأضواء الساطعة، وهذه الحالة من الازدواجية التي يعيشونها، تدفع كثيرا منهم إلى الانتحار. ومن أبرز هؤلاء الكاتب الأمريكي «دايل كارينجي» صاحب أروع الكتب في فن التعامل مع الناس، وصاحب أكثر كتب التحليل والدعم النفسي وتنمية المهارات الشخصية مبيعا في العالم، حيث بيعت ملايين النسخ من كتبه، وترجمت إلى أكثر اللغات العالمية، فهو صاحب كتاب «كيف تكسب الأصدقاء وتؤثر في الناس» وكتاب «دع القلق وابدأ الحياة». وقد وضع قواعد رائعة في كيفية طرد القلق، والانطلاق في الحياة العامة بكل سعادة وثقة، ولكن كل ذلك لم يمنع القلق من أن يسيطر على حياة كارينجي، فعصفت الكآبة بحياته، وسادت التعاسة والشقاء أيامه، فقرر هو أيضا التخلص من حياته عن طريق الانتحار، قال للناس: دعوا القلق وابدؤوا الحياة.. ثم انتحر! وهذه هي «كريستينان أوناسيس» ابنة الملياردير اليوناني أوناسيس، صاحب الجزر والأساطيل البحرية والطائرات والمليارات، الذي يعد من أكبر أثرياء العالم.. ولأن كريستينان وريثته الوحيدة فقد ورثت عنه كل ثروته الهائلة، إلا أن ذلك لم يحقق لها السعادة التي تبحث عنها، فقد تزوجت عددا من المرات، وكان زواجها الأخير من أحد الشيوعين، حيث سئمت حياة الترف والثروة، وذهبت لتعيش مع زوجها في منزل متهالك في أحد أحياء موسكو الفقيرة، إلا أن الفشل لاحقها في هذا الزواج أيضا، ففارقت زوجها بعد أن أصيبت باكتئاب مزمن، ولم تستطع الثروة والمال أن تحقق لها أبسط معاني السعادة الإنسانية، فقررت الانتحار، بعدما ابتلعت عددا كبيرا من الحبوب المنومة، وكان عمرها 37 عاما فقط. ولاقت نفس المصير الفنانة والمطربة «داليدا» الفرنسية مصرية الأصل، التي تنحدر من حي شبرا الشعبي بوسط القاهرة، والتي حققت في فرنسا شهرة واسعة لم تصل إليها أي مغنية عربية من قبل، وباعت على مدى 20 عاما ما يزيد على 85 مليون شريط ل 600 أغنية بثماني لغات، وحصدت الكثير من الجوائز والأوسمة العالمية، لكنها مع ذلك ضاقت بالحياة، وسئمت الأضواء، واستسلمت لليأس، قالت قبل أن تنتحر: الحياة لا تحتمل.. سامحوني، وأرادت النهاية، حيث استيقظ العالم في أحد أيام 1987 على خبر انتحار داليدا بالتهامها عددا كبيرا من الأقراص المنومة. ومن لا يعرف مارلين مونرو؟! نجمة السينما الأمريكية الأكثر شهرة عالميا، تلك التي تربعت على عرش السينما العالمية أعواما طويلة، ودخلت البيت الأبيض بارتباطها بعلاقات محرمة مع الرئيس الأمريكي جون كيندي ومع أخيه روبرت... وحتى اليوم رغم مرور أكثر من 30 عاما على انتحارها، إلا أن الإعلام لا يزال يتكلم عنها في كل ذكرى لرحيلها، حتى صارت أشبه بالأسطورة السينمائية التي يمجدها الغرب في كل مناسبة.. لكن مارلين مونرو رغم شهرتها الواسعة عالميا كانت غير سعيدة، وصرحت بذلك عددا من المرات، وكانت مصابة بقلق حاد وكآبة مستمرة وهيستيريا، ولم تطق ذلك العذاب.. فصعق المجتمع الأمريكي بخبر انتحارها وهي في أوج شهرتها، وذلك بالتهامها الكثير من الحبوب المنومة. وقائمة المنتحرين من مشاهير المال والفن والسياسة تطول، ومنها انتحار هتلر مع عشيقته ايفا براون، وديبندار بيكرام شاه ولي عهد مملكة نيبال أطلق النار على جميع أفراد أسرته ثم انتحر بالرصاص