لا يفصل بين زفير الخوف الذي يطارد 94 طالبا في جدة، واسترداد شهيق الطمأنينة، سوى تلك الجرعات النفسية التي يحاول أن يمارسها يوميا 11 معلما في مدرسة ثانوية مستحدثة أقيمت في مجرى السيل. ويتذكر الأهالي جيدا كيف حصد وادي عشير، الذي يعد أحد أخطر الأودية شرق المدينة، المئات في كارثة سيول الحج قبل أكثر من عام «سيول الثامن من ذي الحجة 1430ه». المعلمون يقومون بدور نفسي لطمأنة الطلاب وتزويدهم بجرعات أمان عند أي زخة مطر، أو غيوم تستقر فوق فصولهم الأربعة التي يتكدسون فيها، ما جعل المدير و11 معلما، ينزوون سويا في غرفة واحدة. لكن 94 طالبا ومعلميهم ومدير مدرسة يتعايشون معا هما يوميا وخوفا لا يقاوم، بعد أن استحدثت إدارة التربية والتعليم بمحافظة جدة أربعة فصول دراسية لفتح مدرسة ثانوية، في إحدى المدارس المتوسطة، لتتحول رهبة الاختبارات إلى رهبتين، رهبة المطر الذي تزامن مع موسمها، ورهبة الاختبارات المتعارف عليها، خصوصا وأن الوصول إلى المدرسة أشبه ببلوغ جبل شاهق، أو واد سحيق نتيجة رداءة الطريق الترابي المؤدي إلى المدرسة، كونه قد تأثر من الأمطار الأخيرة التي هطلت على جدة الأسبوع الماضي. الخطر متربص وأوضح مدير ثانوية يزيد بن السكن أحمد جبريل الحقوي أن الاختبارات تعد من أدوات التقييم الرئيسية بل الوحيدة في التعليم العام لذلك نوليها جل اهتمامنا وحرصنا وخبراتنا التربوية، ابتداء بالطالب وتهيئته وانتهاء بإعداد الأسئلة وتهيئة البيئة المدرسية «ونحن ولله الحمد لا نواجه أي مشكلات أو عوائق تذكر في جانب الطلاب أو إعداد الأسئلة، والخطط المنظمة لسير الاختبارات، إلا الخطر المحتمل دائما في هذه المنطقة، المتمثل في خطر سيول الأمطار وتكون المستنقعات، التي نأمل من الجهات ذات الاختصاص أن تعيد النظر في البنية التحتية لهذه المنطقة التي تحتاج اهتماما أكبر». وبين أنهم يواجهون نقصا كبيرا في الإمكانيات البشرية والمادية من نقص الكادر الإداري والفني للمدرسة، والمادي، وضيق الفصول الدراسية، وعدم توفر مكاتب كافية, «ومع ذلك يسير العمل التربوي والتعليمي على أفضل حال، وكل الصعاب تتم مواجهتها» صعوبة الوصول. وأشار عضو الكنترول في القسم الثانوي فيصل الزهراني إلى أن الاستعداد للاختبارات كان جيدا ومنذ وقت مبكر «هناك تعاون، وكل الزملاء يملكون خبرات، لكن المعاناة تكمن في ضيق الوقت بعد صلاة الفجر، والوصول إلى المدرسة في ظل سوء الطرق المؤدية إليها، وعدم توفر المواقف الكافية للطلاب والمعلمين، وتدني مستوى الخدمات يتسبب في تراكم مياه الأمطار». ضغوط نفسية وبين معلم اللغة العربية عبدالعزيز السلمي، أن الاختبارات ناجحة، حيث التنظيم والاستعداد والتهيئة، ولكن المشكلة في ازدحام الفصول بالطلاب نتيجة لصغر مساحاتها، وكذلك عدم استقلال كنترول الاختبارات في المدرسة، نتيجة لعدم توفر غرف شاغرة يزيد الضغوط النفسية على منسوبي المدرسة. وأوضح الطالب محمد العامري أول ثانوي، أن المدرسة هيأت كافة الإمكانيات المتاحة من أوقات مبكرة «مما ساعدنا على الاستعداد الجيد بالمراجعة وتنظيم الوقت ولا نواجه أي صعوبات، وإنما مخاوفنا من هطول الأمطار الغزيرة والسيول الجارفة، التي قد تعطل اختباراتنا، فنحن حاليا نعاني من سوء الطريق الموصل إلى المدرسة». وأضاف الطالب مهنا الحربي أول ثانوي أنه وزملاءه يؤدون الاختبارات بشكل جيد «ولا نواجه أي مشكلات، فيما عدا الطريق المكسر الذي يؤدي بنا إلى تأخير يومي في الوصول إلى المدرسة، خصوصا أنها بعيدة عن منزلنا، وليس على الزملاء إلا أخذ الحيطة والحذر عند هطول الأمطار، بالبقاء في المدرسة أو مغادرتها بسرعة قبل هطول الأمطار، وعدم البقاء في الشارع». وذكر الطالب وائل المالكي أن العوائق والصعوبات في تأدية اختباراتنا لا تتمثل إلا في صعوبة الطرق التالفة بسبب السيول. من جانب آخر بين مدير القسم المتوسط عبدالله الزبيدي أن الاستعدادات للاختبارات بدأت منذ وقت مبكر، ولا يوجد أي قصور في الخطط المعدة، ولكن هناك معاناة لكون المدرسة مشتركة ما يضاعف علينا الجهود التربوية إضافة إلى قلة الإمكانيات في الفصول والإنترنت والهاتف للتواصل وسوء الخدمات للبيئة المحيطة بالمدرسة .