حذر خبراء دوليون من تسبب تنامي الثروات العالمية في كوارث ونكبات لكوكب الأرض، ومن ارتفاع الأضرار البيئية الناجمة عن مضاعفة معدلات الدخل في العالم بما يقارب 80 %. وأطلق الخبراء هذه التحذيرات تعليقا على أول دراسة عالمية شاملة للاستهلاك، أعدتها لجنة خبراء تابعة للأمم المتحدة بعنوان «الآثار البيئية للاستهلاك والإنتاج». فقد خلصت اللجنة الأممية في دراستها إلى أن هذه الأضرار البيئية تعزز حتمية التعجيل بتحويل معايير النمو الاقتصادي إلى مذهب جديد منبثق عن مفهوم الاقتصادات الخضراء القائمة على كفاءة استخدام الموارد. تبين أن استخدام صناعات النفط والزراعة، هي أكبر أسباب الكوراث على كوكب الأرض وفقا لهذه الدراسة التي صدرت في يونيو الماضي في مقر المفضية الأوروبية في بروكسل. وحسب الخبير في الجامعة النرويجية للعلوم والتكنولوجيا والرئيس المشارك للجنة الدولية للإدارة المستدامة للموارد آرنست فون فيزيكير، فإن من المفارقات حقا أن يكون النفط والزراعة ضمن القطاعات التي تتلقى أكبر قدر من الإعانات المالية. وأفاد فون فيزيكير «في حالة ثاني أكسيد الكربون، ترفع مضاعفة الثروات معدل الضغوط البيئية، عادة بنحو 60 %، بل حتى 80 %، وأحيانا أكثر من ذلك في الاقتصادات الناشئة». وحذر من أن ارتفاع الثراء قد يؤدي إلى تحول في الوجبات الغذائية تجاه اللحوم ومنتجات الألبان، وكنتيجة لذلك تستهلك الماشية حاليا كثيرا من محاصيل العالم الزراعية، إضافة إلى أنها تستهلك أيضا، بصورة غير مباشرة، 70 % من المياه العذبة، وتتسبب في قدر كبير من التلوث الناتج من الأسمدة. وشرح الخبير «من الواضح أن النظام الغذائي القائم على اللحوم يستخدم المزيد من الأراضي والأسمدة، ويبعث كميات من ثاني أكسيد الكربون أكثر بكثير من النظام الغذائي النباتي». هذا وقد بينت الدراسة أيضا أن الدول الغنية، مثل اليابان وأمريكا والعديد من دول الاتحاد الأوروبي، تصدّر حاليا جانبا كبيرا من أضرارها البيئية الحقيقية إلى البلدان الأخرى، عن طريق استيراد السلع والمواد الغذائية. وشدد آرنست فون فيزيكير على أن «التجارة الدولية تظهر بوضوح أن الدول الغنية تصدر أضرارها» البيئية. وبدوره أكد الرئيس المشارك للجنة الخبراء ورئيس الاتحاد العالمي لحفظ الطبيعة أشوك خوسلا، أن «الأسلوب الحالي في وضع الاتفاقيات الهادفة إلى خفض الانبعاثات قد أصبح باليا على ضوء هذا الواقع». أما على مستوى الأسرة، فتمثل السلع والخدمات المستهلكة الجانب الأكبر من الأضرار البيئية، وليس النفط المستخدم في السيارات أو المنازل، وذلك على الرغم من التقدم المحرز في العقدين الماضيين في مجال كفاءة استخدامات الطاقة والمواد. وصرح عضو اللجنة الأممية والأستاذ بجامعة كاليفورنيا في سانتا باربارا، سانجون سوه، بأن مستوى كفاءة الإنفاق قد تحسن بالفعل، لكن الناس تستهلك أكثر وهذا يقضي على مكاسب الكفاءة المحرزة. وتجدر الإشارة إلى أن لجنة الخبراء الأممية، التي تضم كبار خبراء العالم، قد أعدت مكتبة شاملة من الدراسات العالمية الأكثر حجية، بغية عرض تقييمات مستندة إلى الأسس العلمية، عن المنتجات والمواد والأنشطة الاقتصادية ونمط الحياة التي تتسبب في أكبر قدر من الأضرار لكوكب الأرض. هذا وتتصدر صناعات النفط والزراعة القائمة الواردة في هذه الدراسة الأممية من 49 صفحة، يليهما قطاع صيد الأسماك الصناعي المدعوم بقوة بدوره، وإنتاج واستهلاك مواد مثل المعادن والبلاستيك. وشرحت الدراسة أنه في حين تسببت هذه الأخيرة في أضرار بالغة على الصعيد المحلي، فهي ليست بحجم الأضرار العالمية المذهلة الناتجة من استخدام النفط والزراعة .