رفض مجلس النواب الأمريكي إغلاق معتقل جوانتانامو في العام المقبل أو إمكانية محاكمة المعتقلين فيه على الأراضي الأمريكية، وبأغلبية 212 صوتا مقابل 206، تبنى مجلس النواب أخيرا مشروع قانون موازنة العام المقبل الذي يسمح بتمويل الحكومة الأمريكية للمعتقل ذي السمعة السيئة عالميا، والذي لا يزال يقبع فيه حاليا 174 معتقلا، منذ أكثر من تسعة أعوام بلا محاكمة مدنية أو حتى عسكرية ، وبينهم ثلاثة فقط أدينوا من قِبل محكمة عسكرية استثنائية. وكان الرئيس باراك أوباما قد وقع غداة تسلمه السلطة مرسوما يقضي بإغلاق جوانتانامو قبل 22 يناير 2010 ، وكان الأمر التنفيذي ينص على إغلاق المعتقل، ويطلب من المحققين «الالتزام باتفاقيات جينيف، ولكن أمام المعارضة الشرسة للكونجرس، اضطر إلى التراجع عن وعده، وديست اتفاقيات جينيف الحقوقية بنعال ضباط وجنود المعتقل الكريه، من المشاهد البشعة التي تابعتها الفضائيات ووكالات الأنباء وجميع وسائل الإعلام، على مدى الأعوام الماضية. وكانت الحكومة الأمريكية قد أعربت عن رغبتها في شراء سجن في ولاية ايلينوي شمال أمريكا كي تنقل إليه الرجال ال58 الذين تنوي الاحتفاظ بهم دون محاكمة، وكذلك الذين تصدر بحقهم أحكام من المحاكم العسكرية أو المدنية، كما كانت تنوي أيضا محاكمة خمسة رجال متهمين بالمشاركة في التخطيط لأحداث 11 سبتمبر أمام محكمة فيدرالية في نيويورك. وإن كانت إمكانية إقامة محاكمة في نيويورك قد استبعدت ، بسبب قرار مجلس النواب الأخير، الذي يمنع نقل أي معتقل في جوانتانامو إلى الأراضي الأمريكية، حتى لمحاكمتهم عليها، فيما يعرب جميع المعتقلين عن القلق، كما يقول محاموهم، من ألا يغادروا كوبا أبدا، على الرغم من أن المحكمة العليا الأمريكية اعترفت للمعتقلين بالحق الدستوري في الاعتراض على اعتقالهم أمام المحاكم الفيدرالية الأمريكية. وتنظر المحكمة العليا في الوقت الراهن فيما لا يقل عن ثماني دعاوى استئناف، تمثل جميع المعتقلين تقريبا، وتعكس تنوع أوضاعهم، ويتعين على المحكمة أن تعلن في 2011 موافقتها على النظر أو عدمه في واحدة أو أكثر من دعاوى الاستئناف هذه. وكتبت المحكمة في قرارها الذي اتخذته بموافقة خمسة أعضاء في مقابل أربعة: « في إطار مبدأ الفصل بين السلطات المنصوص عليه في الدستور، نادرا ما تعد السلطة القضائية ضرورية وشرعية إلا حين تدرس وجاهة الأسس التي اعتمدتها السلطة التنفيذية لسجن شخص ما»، وقالت ليلي دنيستون المتخصصة في شؤون المحكمة العليا: لم تتوقف إدارتا بوش ثم أوباما، من خلال مقاربات متشابهة عن محاولة إبقاء سلطة الاعتقال في أيدي السلطة التنفيذية، بدلا من أن تكون في أيدي القضاة، وقد بحث القضاة الفيدراليون في واشنطن 57 ملفا وأعلنوا أن الاعتقال غير مبرر في ثلثي الحالات. وهكذا، فإن الإدارة الأمريكية تضرب بقرارات السلطة القضائية عرض الحائط، شأنها في ذلك شأن دول العالم الثالث، التي طالما صدعت رؤوسنا بتوجيه انتقادات لاذعة لها، في ملفات حقوق الإنسان بها، فإذا هي نفسها تتجاوز العديد من القرارات القضائية من المحاكم الأمريكية، بالإفراج عن العديد من معتقلي جوانتانامو أو محاكمتهم، وتنتهك حقوق الإنسان بإبقائهم رهن الاعتقال لأعوام عديدة، مقدمة الخيارات السياسية والانتقامية على العدالة والقانون، تاركة لسلطاتها التنفيذية الغاشمة سجن معتقلين أبرياء دون محاكمة، ومنعهم من العودة إلى بلدانهم .