تمر الثقافة السعودية بتموجات بين عدة تيارات مختلفة ذات طوابع وأسس ومعايير وجِهات متباينة ولنضرب مثالا واقعيا حول هذه التيارات وشدة الاختلاف بينها كما حدث في منتدى خديجة بنت خويلد الذي عقد في جدة مؤخرا بعنوان «واقعية مشاركة المرأة في التنمية الوطنية»، وحضره عدد من الوزراء والأعيان. فبعد هذا المنتدى أصدر أكثر من سبعين شيخا وعالما ودكتورا وداعية بيانا ينقد هذا المنتدى بوصفه تغريبا بحتا، محذرا منه ومن توصياته بينما من يقوم على المنتدى يدعي الحرية وأن عصر الرجل انتهى.! وبين هذا وذاك تكون الضحية هي «المرأة»، بين من يريدها أن تركب الناقة ومن يريدها أن تقود السيارة؛ والغاية واحدة والطريق مُختلف! فغاية الأول أن تجلس في بيتها ويتكفل بكل مالها من حقوق وغاية الثاني أن تخرج من البيت لأن عصر الرجل انتهى وكلا الغايتين مجرّد ظاهرة صوتية تفسّر بيئة وتفكير صاحبها الذي لا يفكر إلا بنفسه! لن يكون هناك نصير ومعين للمرأة بعد الله إلا نفسها فلا وصي ولا مؤدلج ولا إصلاحي ولا ليبرالي . وما زالت طبيعة المرأة السعودية التي اعتادتْ على البيت منزلا ووظيفة وحياة، تعاني من التأقلم على مضامين تلك التيارات، فتارة تنفتح، وتارة تنغلق فأصبحتْ كالمعلقة، فحينما تقول «نجلاء الطالبة المبتعثة» إنها لا تحب أمريكا؛ لأنها تعودها على الاعتماد على النفس واستقلالها وأنها تئن وتحن إلى جلسة البيت والخدم والحشم، فإن هذا التفكير من التغذية الراجعة التي قامت بها هي ثقافة المجتمع تجاه الجنس الآخر . غياب وعي المرأة بحقوقها وواجباتها يجعلها أكثر اضطرابا وأسرع لتكون ضحية بين الأجنحة والتيارات المختلفة. وعندما يتجاهل منتدى خديجة بنت خويلد الكثير من القضايا الهامة التي تتعلق بالمرأة ويتناول «قيادة المرأة والمحرم في السفر والعمل المختلط ..» بشكل سطحي، ويتم تأييده من البعض لن أستغربَ ذلك؛ لأن تلك الثقافة السطحية والتوصيات كانت نتيجة من نتائج ثقافة هذا المجتمع عن تلك المرأة . «المرأة هي الإناء الوحيد الباقي لنا الذي نفرغ فيه مثالياتنا» جوته.