كانت مهمة عسيرة الخروج بمعلومة من مسؤولي بعض المكتبات الكبرى في المملكة عن الكتب الأكثر مبيعا أو التي لها قيمة معرفية أكبر من غيرها في ظل تنوع الأوعية المعرفية وتعدد مصادرها، حتى بدأ الأمر كأنه بحث عن معلومة غاية في السرية. ويبدو أن الإحالة إلى ما أسموه «المخول بالتصريح» و«التحويلات الصامتة» كانتا أقصر الطرق لتدرك «شمس» أن سبر أغوار الكتب والإنتاج الثقافي والأدبي والعلمي الذي لا يقرأ «مهمة مستحيلة»، في ظل انشغال أولئك المسؤولين بمتابعة القرطاسية التي كان لها نصيب الأسد في أجندتهم. جولات «شمس» على بعض المكتبات الكبرى في جدة أبرزت جانبا خفيا في العلاقة بينها وبين العملاء والتي لا يكاد يعرف عنها شيء، فبعض العملاء اتهموا المكتبات بالتسبب في هذا «الفراغ الثقافي» حسب وصفهم والذي يعيشه بعضهم بسبب ارتفاع أسعار كثير من الكتب، وكذلك وجود كتب بعيدة عن الواقع الاجتماعي وأيضا وجود كتب المجلدات الضخمة وهي مهمة شاقة للقارئ الكسول الذي يحتاج إلى جرعات خفيفة تشبع نهمه دون بذل جهد أو وقت كثير. كتب الطبخ وقال سليم الجهني إن الإقبال على شراء الكتب بشكل عام تراجع في السنوات الأخيرة في ظل ثورة المعلومات التقنية فرحلة قد تستغرق بضع ساعات للبحث عن كتاب يمكن أن تنتهي في دقائق عبر أحد محركات البحث على الإنترنت ودون تكلفة تذكر. واعتبر أن كتب الطبخ حظيت بنصيب الأسد في العناوين الأكثر مبيعا بالنسبة للنساء، في حين تراجعت القصص والروايات العالمية بعد أن بات بالإمكان مشاهدتها بكل شخوصها في فيلم أو مسلسل تليفزيوني. علوم متخصصة أما محمد البارقي فذكر أن الكتب الأقل قراءة من وجهة نظره هي الكتب العلمية المتخصصة: «نادرا ما تجد أحدا يطالع في كتب الكيمياء أو الفيزياء أو الفلك أو غيرها إلا المتخصصين من علماء أو أساتذة أو طلاب علم». كما ذكر أن كتب السير الذاتية لغير المعروفين على نطاق واسع أيضا لا تجد رواجا وأيضا الكتب التي استهلكت موضوعاتها مثل كتب تطوير الذات. وأشار محمد خميس إلى أن الكتب التي تقع أيضا في مجلدات لا تلقى حظا كبيرا: «لو قرأ جزءا من المجلد فسيضطر إلى قراءة المجلد كله وهو ما قد يستهلك وقتا كثيرا وقتا، خصوصا أن بعض الكتب قديمة». وأضاف أن نوعية الطباعة وأغلفة الكتب وعناوينها من عوامل الجذب التي تلفت نظر القارئ، إلا أن هناك عنصرا آخر لا يمكن إغفاله وهو سعر الكتاب فإذا كان سعره في المتناول فإنه سيشتريه، أما إذا كان غاليا فسينصرف عنه ويبحث عنه في الإنترنت أو استعارته من بعض المكتبات أو الأصدقاء. ورأى سعيد الواهبي أن الكتب دقيقة التخصص وتلك التي تخص أجيالا محددة ليس لها حظ من الرواج، مشيرا إلى أن محركات البحث على الإنترنت حلت كثيرا من الإشكاليات المتعلقة بالكتب وعناوينها خاصة بالنسبة للشباب. لكن أكد أن الكتاب الجيد يفرض نفسه على القارئ حتى لو كان سعره مرتفعا. كتب موسمية من جانبه أكد المشرف على أحد فروع مكتبة العبيكان في المنطقة الغربية العربي عسيلي أن للكتب دورات حياة مختلفة تنشط فيها وتخبو، فالكتب المتخصصة مثل كتب الفلسفة والبيولوجيا أو الفيزياء وخلافها تجد الإقبال من شريحة محدودة. ولفت إلى أن المواسم تحدد اتجاهات دور النشر والمكتبات، فعلى سبيل المثال يشهد شهر رمضان إقبالا كبيرا جدا على كتب الطبخ والكتب الدينية والمصاحف وفي مواسم العمرة تشهد كتب الوعظ الديني والإرشاد وأدعية العمرة رواجا كبيرا أيضا وكذلك في موسم الحج ترتفع الكتب المعلقة بموضوعاته. كما تجد كتب القصص والكتب السياحية رواجا أيضا في المواسم السياحية. وبين هذا وذاك هناك كتب لا يقرؤها أحد .