قال الأديب أوسكار وايلد «مشكلة الإنسان أنه ينظر للحياة بجدية أكثر من اللازم»، وأظنه وصف إنسان اليوم بشكل دقيق فنحنُ جردنا أيامنا من نفحة الحياة بعفويتها ومرونتها؛ فأصبحت أيامنا جافة جرداء سوى من التفكير في المصاعب التي واجهتنا وتواجهنا، والخوف على المستقبل ومنه، ولا أعرف ما الذي نستفيده من شغل الروح والعقل بموجات سالبة سوى مضاعفة الضجيج والوجع! ليس خطأ أن يفكر الفرد منا في العقبات في محاولة لإيجاد حلول لها أو التمعن فيما سلف من أزمات؛ لقطف العبر وتلافي القصور، فهذا أمر ضروري، لكن الخطأ الفادح هو إهدار جل الوقت ونفيسه في حرق خلايا القلب والعقل في استرجاع أو ابتداع العقبات واجترارها. هناك هامش كبير من الضوء في حياة كل فردٍ منا فقط يحتاج لتغذيته بالوقود ليتوهج ويتسع مداه فيشمل الفرد ومن وما حوله، فهذا يشكو البطالة وهذه تشكو عدم قبولها في تلك الجامعة، وذاك من عدم توفر سرير لابنه المريض في ذلك المشفى، وذلك من الرسوب، وأولئك من حيف مدير أو غدر صديق أو قلة ذات اليد أو مشاكل أسرية والحياة، لا تخلو. كلها منغصات قوية بلا شك، لكن من الضروري أن نتيقن أن الجميع بلا استثناء قد مروا بشيء من تلك العقبات وتجرعوها ولم يسلم منها أحد، كما أنها ستبدو في نظرنا معقولة إلى حد بعيد حين نستقبلها بروح أكثر أملا، وعقلٍ أكثر وعيا. حينها سنحاول التجديف رغم الأعاصير وسنمضي حتى نصل إلى نقطة لا بأس بها إن لم نصل للهدف فهي خطوة في طريق الحياة القصير زمنيا والطويل بتقلباته وتحدياته. وحين نفشل أو نصد عما نصبو إليه فيجب أن نتجه لهدفٍ جديد لحين تيسر ذاك، وحين نصاب بإحباط لظرفٍ أو شخصٍ ما فيجب تجاهله وغمره بماء التفاؤل والأمل كي نمضي باتقاد لا ينكسر، وحين نتضجر فيجب أن نبلسم أرواحنا بالكبرياء ونمنحها الفرح فلا أحد ولا شيء يستحق إهدار لحظات عمرنا الثمينة الجميلة، ومن لم يتجاوز العثرات فسيتجاوزه الزمن.