ألقت صحيفة نيويورك التايمز الأمريكية قنبلة من العيار الثقيل غير تلك التي تدوي انفجاراتها في ميادين المعارك بأفغانستان حين كشفت عن رجل خدع حلف الناتو والمخابرات الأمريكية والبريطانية، وقدم نفسه للتفاوض زعيما طالبانيا في ظل لهث القوى الغربية للحوار مع حركة طالبان وإيقاف الحرب هناك، وقد شارك الزعيم المزيف في محادثات سلام سرية مع الحكومة الأفغانية، غير أنه بعد أن ظفر بالغنيمة اتضح أنه رجل محتال. تحول ذلك المشهد بأكمله إلى مسرحية هزلية قدمت تلك المخابرات في صورة ساذجة تسمح بالتلاعب بها على نحو ما فعل هذا المحتال، والمفارقة أن الرجل عقد ثلاثة اجتماعات مع مسؤولي حلف شمال الأطلسي ومسؤولين أفغان، لكن مسؤولين أمريكيين أكدوا أنهم فقدوا الأمل في أنه زعيم يعرف باسم الملا اختار محمد منصور. وقالت نيويورك التايمز نقلا عن مسؤولين لم تسمهم «الزعيم الطالباني المزور التقى أيضا بالرئيس الأفغاني حامد كرزاي بعد أن نقلته طائرة تابعة لحلف شمال الأطلسي إلى كابول وأدخل إلى القصر الرئاسي. اتصال ولكن.. وتكتمل فصول المسرحية بما نقلته الصحيفة في 20 أكتوبر الماضي عن مصدر لم تكشف عن هويته أيضا قوله إن المحادثات لوقف الحرب شملت مناقشات مكثفة وجها لوجه مع قادة طالبان. وخرجت مجموعة من التقارير الصحفية من أمريكا وأوروبا الشهر الماضي والتي عادة ما تكون بلا مصدر أو على أفضل تقدير تنقل عن مصادر حذرة تحدثت عن محادثات رفيعة المستوى يرعاها الحلف تجري بين الحكومة الأفغانية وزعماء من طالبان. والضحايا الذين شملتهم المفاوضات «المسرحية» من بينهم ريتشارد هولبروك المبعوث الأمريكي لأفغانستان وباكستان ومارك سيدويل أكبر ممثل مدني لحلف الأطلسي في أفغانستان. وقالت صحيفة نيويورك التايمز الثلاثاء إن المناقشات رفيعة المستوى التي أجريت مع الرجل الذي كان يعتقد أنه منصور «لم تحقق فيما يبدو الكثير». ونقلت عن دبلوماسي غربي في كابول لم تذكر اسمه لكنه شارك في المناقشات قوله «ليس هو» «أعطيناه الكثير من الأموال». حدث ذلك في وقت ترفض فيه طالبان إجراء أي محادثات قبل انسحاب القوات الأجنبية من أفغانستان والتي تقدر الآن بنحو 150 ألفا. إحراج وفوضى وبدا واضحا لهفة القادة الغربيين لحسم الصراع بالحسنى من خلال التفاوض بعد أن تيقنوا من أنه لا يمكن حسم الصراع عسكريا، فيما بلغ العنف أسوأ مستوياته في أنحاء أفغانستان منذ أطاحت قوات أفغانية مدعومة من أمريكا بحركة طالبان في 2001 برغم وجود نحو 150 ألفا من القوات الأجنبية. وقد فاقم من تلك المسرحية الهزلية أن صحيفة واشنطن بوست نقلت عن كبير موظفي مكتب كرزاي قوله إن السلطات البريطانية كانت مسؤولة عن نقل الشخص الذي ادعى أنه زعيم في طالبان إلى قصر كرزاي في يوليو أو أغسطس. وقالت الصحيفة «هذه الحادثة أحرجت المسؤولين الأفغان والغربيين وقوضت ما روجه مسؤولون أمريكيون كبار في وقت سابق من هذا العام بأن هناك بعض التقدم باتجاه المحادثات». وذكرت صحيفة التايمز البريطانية أن المخابرات البريطانية دفعت أموالا للرجل الذي ادعى أنه منصور ودعمته .